السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا مغترب، وأرغب في العفة والزواج، وتكوين أسرة محافظة ملتزمة بكتاب الله وسنة رسوله.
ارتبطت بفتاة من العائلة منذ أكثر من أربع سنوات، عمرها 22 سنة، ولكنها تحب الغناء والبهجة، وتقول لي: إنني حب حياتها.
أريد إتمام الزواج منها، لكنني متخوف من فارق العمر بيننا، ومن اهتمامها باللهو والدنيا، رغم أنني تحدثت معها كثيرا في هذا الأمر، هي محجبة، لكنها في بعض الأمور تصادمني وتعاند، وفي أمور أخرى تكون مطيعة ومرنة، لقد وضعت لها شروطا ووضحت لها طلباتي في شريكة حياتي.
أما الفتاة الثانية: فهي مرشحة من أختي التي تعرف طباعي، واختارت فتاة تعمل في الغربة، محترمة جدا، ومحجبة أيضا، وأكثر نضجا، وهي أصغر مني ببضع سنوات، وأشعر أنها أكثر تفاهما معي.
أنا الآن في حيرة من أمري، لا أعرف أيهما أختار، وكيف أشرح الوضع للفتاة التي لن أختارها دون أن أجرح مشاعرها؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يوسف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أيها الأخ الكريم والابن الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام، وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله تعالى أن يعينك على بلوغ العفاف.
وبشرى لك، فمن الذين يعينهم الله الرجل المتعفف الذي ينشد العفاف، فنسأل الله أن يسهل وييسر أمرك، وأن يضع في طريقك فتاة تعينها وتعينك على طاعة الله، وعلى ما يرضيه -سبحانه وتعالى-، وتحقق لك العفاف والعفة، ونسأل الله أن يرزقكما الذرية الصالحة.
أما بخصوص ما ذكرت: من ارتباطك بفتاة من الأهل، وارتباطك معها منذ أكثر من أربع سنوات، فهل تقصد بهذا الارتباط الخطبة، أم ماذا تقصد بالارتباط؟ لأن الخطبة كما تعلم ما هي إلا وعد بالزواج، لا تبيح للخاطب الخلوة بمخطوبته، ولا الخروج بها، لكن الهدف منها التعارف وترتيب الأمور، ولا نريد أن تطول فترة الخطبة دائما، نريد أن تتحول إلى عقد نكاح.
أما: إذا كنت تقصد بالارتباط أنك متزوج منها وقد تم العقد الشرعي، فالوضع مختلف؛ إذ تعد في هذه الحالة زوجة لك، ومع ذلك فنحن لا نميل إلى كسر خاطر هذه الفتاة، خاصة وقد ذكرت أنها محجبة، رغم ما فيها من بعض النقص، مثل: ميلها إلى اللهو والغناء، وعنادها أحيانا في بعض الأمور، وكونها من الأهل يعد عاملا مرجحا إضافيا.
لكن يبقى الأساس الذي ينبغي البناء عليه والعمل من خلاله هو محبتها لله، فهذا ما نرجو أن تستثمره في نصحها برفق، ومحاولة تقويم المفاهيم الخاطئة لديها، وأن تجتهد في التأثير الإيجابي عليها، فالهداية والتغيير ممكنان ما دامت القلوب معلقة بالله.
نحن نميل إلى ترجيح الفتاة الأولى على الأخرى التي جاء اختيارها متأخرا، خاصة وأنها من الأقرباء، وصغيرة في السن، وقد انتظرتك أربع سنوات، وأشرت إلى أنها محجبة، وتحب الله تعالى، وإن كانت تتهاون في مسألة الغناء، وهو أمر مرفوض شرعا، إلا إنه مما يرجى إصلاحه -بإذن الله- بعد الزواج، من خلال توجيهك لها وحرصك على إعانتها على الطاعة والاستقامة.
كما أن صغر السن قد يكون له أثر في هذا الميل إلى اللهو، ومع ذلك فإن الرغبة في الذرية الصالحة تعد عاملا مرجحا مهما، لا سيما وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم"، فهو يفاخر بنا ويكثر بنا الأمم يوم القيامة.
وعليك أن تعلم أن كل فتاة -كما هو حال كل رجل- لا تخلو من جوانب إيجابية وسلبية، والمهم هو السعي في الإصلاح، والتعاون على البر والتقوى، لا تتوقع الكمال، فاجتهد في اختيار الأصلح لدينك ودنياك، واستخر الله، ولن تندم.
نسأل الله أن يعينكما على الخير، وأن يلهمكما السداد والرشاد، وأن يقدر لكما الخير، ثم يرضيكما به.