السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا في خضم امتحانات الثانوية العامة، وقررت عدم الغش؛ خوفا من عدم التوفيق في الجامعة، وللأسف في مدارسنا الغش منتشر بكثرة، وهناك من يدخل الامتحان بهواتف محمولة، ووسائل أخرى.
أنهيت حتى الآن ثلاثة اختبارات: في الأول، لم أغش، ولكن صديقتي طلبت مني أن أراجع الامتحان معها، وللأسف راجعت بعضه، مع أنني لم آخذ منها شيئا، بل اعتمدت على إجاباتي، ومع ذلك، ندمت كثيرا، وتبت إلى الله، وقررت ألا أعود للغش مجددا، ثم في الامتحان الثاني، لم تكن لدي نية للغش، ولكنني غششت، وفي الثالث أيضا، والآن بقي اختباران، وقد قررت أن لا أغش فيهما أبدا، ولأي سبب.
سؤالي: هل يحاسبني الله، وهل سأحرم التوفيق في الجامعة رغم توبتي؟ لأني أعلم أن الغش من الكبائر، ونعاقب عليه في الدنيا والآخرة، فأنا أشعر بالخجل الشديد من الله؛ فقد كنت طوال العام أطلب عونه، وأستودع كل ما تعلمته عنده، ثم في النهاية أغش!
أخاف أيضا ألا أثبت في ما تبقى من الامتحانات؛ فالغش من حولي كثير، وقد حاولت اجتنابه، لكن للأسف لا أثبت، وأعلم أن هذا ليس مبررا للغش، وهذه هي السنة الأولى في حياتي التي أقرر فيها بصدق عدم الغش، فماذا أفعل لأجتنبه حقا؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سلمى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في إسلام ويب، ونسأل الله أن يرزقك التوفيق والثبات، وأن يشرح صدرك، ويقوي عزيمتك على الخير، ويطهر قلبك من كل ما يعوقك عن رضاه.
أولا: ما فعلته من توبة وندم وعزم على عدم العودة، هو من أعظم الأعمال عند الله، بل هو علامة على أن الله يحبك، فمن علامات محبة الله للعبد أن يفتح له باب التوبة، ويحرك قلبه للندم على الذنب.
هل الغش من الكبائر؟ نعم، لكنه ليس قاطعا للطريق! من المعلوم أن الغش محرم، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من غشنا فليس منا" لكن ما حدث معك ليس من الكبائر الموبقة، ولا هو مما يحبط الأعمال كلها، فمن تاب توبة صادقة، تاب الله عليه، وجعل له ما بعدها من الخير -بإذن الله-، بل قال الله تعالى: {إن ٱلله يحب ٱلتوٰبين ويحب ٱلمتطهرين} [البقرة: 222].
ما الذي يجب عليك فعله الآن؟
1- توبة صادقة بلا التفات إلى الماضي: فلا تجعلي الشيطان يحبسك في ندم سلبي، بل اجعلي الندم دافعا إلى صدق في العمل، وإلى عزم على المستقبل، والله لا يطالبك بما فات، بل بما ستفعلين من الآن فصاعدا.
2- اجتهدي في الباقي وثقي بأن الله سيعوضك: قولي بصدق: "اللهم إن كنت قد ضعفت، فقد أويت إليك، وإنني قد تبت فثبتني، وأكرمني بفضلك لا بعملي"، ولا تنظري إلى من يغش، فإن ما عند الله من خير لا ينال بمعصيته.
3- احرصي على الهدوء قبل الامتحان، خذي دقائق قبل كل اختبار للتهدئة.
4 - استعيني بالاستغفار، وقولي: "رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري" وورددي: "اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، واغنني بفضلك عمن سواك".
4- ارفعي همتك: وقولي لنفسك: "أريد أن أدخل الجامعة بعون الله، لا بذنبي، وأن أرفع شهادتي وأنا أعلم أن ما فيها بركة"، وأما سؤالك: هل لن أوفق في الجامعة رغم توبتي؟
فالجواب: بل ستوفقين بإذن الله؛ لأن من تاب تاب الله عليه، ولأن الله قال: {إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولـٰئك يبدل الله سيئاتهم حسنات}، أي أن الله لا يغفر فقط، بل يحول الذنب إلى أجر إذا صدقت.
في الختام: لا تسمحي لأحد أن يطفئ نورك، ولا تتركي الغش يجرك إلى اليأس، بل تخلصي منه كما تتخلصين من شوك في الطريق، وتابعي سيرك إلى الله واثقة أنه سيأخذ بيدك.
سددك الله، وثبتك، ورفعك، وكتب لك التوفيق في الدنيا والآخرة.