صرت أفسر كل شيء على أنه مس وسحر، فكيف أتخلص من ذلك؟

0 2

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عمري ١٥ عاما، ومشكلتي أنني أعاني من خوف كبير من الجن والسحر.

قرأت تعليقا لأحد الأشخاص باللغة الفارسية، فظننت أنه سحر، فتدمرت حياتي، وأصبحت أخاف من كل شيء، مع العلم أنني ملتزم بالصلاة، وأداوم على أذكاري، وأشعر بالراحة عندما أسمع الأذان أو أقرأ القرآن، لكن هذا الخوف لا يفارقني.

كما قرأت تعليقا يقول: إذا سألت نفسك عن شيء، فهذا يعني أن هناك جنيا يريد أن يعرف عنك شيئا، فشعرت بخوف أكبر، وصرت أفسر أي شيء عادي على أنه سحر أو مس.

فكيف أتخلص من هذا الخوف؟ وهل يستطيع الجن سماع ما يدور في البال؟ وهل يمكن أن يحدث السحر بدون أثر أو بدون أن يقوم أحد بفعله؟

أرجو الإفادة، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك في إسلام ويب -أيها الشاب الطيب- حفظك الله تعالى ووقاك، وربط على قلبك، وأذهب عنك الخوف والوسواس، وفتح لك أبواب النور واليقين.

لقد ذكرت مشاعر ومواقف تشير إلى أنك لا تعاني من سحر ولا مس، بل من خوف طبيعي تطور إلى وسواس، وهو من الأمور الشائعة التي تصيب النفوس الطيبة حين يشتد القلق أو يكثر التفكير في المجهول.
دعنا نرتب لك الأمور بعناية ووضوح لتطمئن، وننتقل بك من التشتت إلى اليقين، عبر ثلاثة محاور:

أولا: طمأنة القلب:
عليك أن تعلم أن:
• الجن لا يعلم ما في نفسك ولا يسمع أفكارك، ولا يستطيع إيذاءك إذا كنت ذاكرا لله، فقد قال تعالى حاكيا عن الشيطان: ﴿إنه ليۡس له سلۡطان على الذين ءامنوا وعلى ربهمۡ يتوكلون﴾.

• لا صحة لما يقال: "الجن يسمع ما تفكر به"، هذه خرافة لا أصل لها، وقد قال ابن تيمية رحمه الله: "الجن لا يعلمون الغيب، ولا يطلعون على خواطر الناس، وإنما يوسوسون فقط".

• السحر لا يقع إلا بشروط محددة: وجود ساحر، مادة تستخدم، أثر منك، واتفاق شيطاني، وهذه الأسباب غير موجودة في حالتك على الإطلاق.

• ما قرأته في الإنترنت أو وسائل التواصل هو أوهام ومبالغات أو تجارب غير صحيحة، وقد يكون أصحابها مثل حالك وقعوا في الخوف وصدقوا الأفكار دون بينة، فاستجابت عقولهم وتضخم عندهم الخوف.

ثانيا: ما الذي حدث معك؟
أنت رأيت تعليقا بلغة غريبة (الفارسية)، فشعرت بالخوف، وتساءلت: "هل هذا سحر؟"، ثم بدأت الأفكار تتلاحق، وتحول ذلك إلى اعتقاد مستمر أن كل شيء عادي قد يكون سحرا أو مسا.

ما تعيشه يسمى في علم النفس: الوسواس القهري الفكري، وهو اضطراب يضخم الخطر، ويجعل العقل يتفاعل مع الأفكار الصغيرة وكأنها تهديد كبير، ثم يخيف النفس حتى تفقد الطمأنينة.

ثالثا: العلاج العملي خطوة بخطوة:
١. تجاهل الوساوس فورا.
• عندما تراودك فكرة: "ربما هذا سحر"، قل: "هذا وسواس، وأنا في حماية الله، ولن أصدق هذه الفكرة."
• لا تحاور الفكرة، لا تناقشها، لا تفكر فيها. تجاهلها تماما وبقوة.

٢. حافظ على الأذكار.
داوم على:
• أذكار الصباح والمساء.
• قراءة آية الكرسي بعد كل صلاة.
• المعوذات (الإخلاص، الفلق، الناس) ثلاث مرات صباحا ومساء.
• الاستماع أو قراءة سورة البقرة يوميا.

٣. أكثر من الدعاء، مثل: "أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق"، و"اللهم اكفنيهم بما شئت، إنك أنت السميع العليم".

٤. توقف عن البحث في الإنترنت.
• لا تقرأ عن "السحر"، "المس"، "أعراض الجن"، "كيف أعرف أنني مسحور؟"
• تجاهل كل هذه الصفحات؛ لأنها تغذي الوسواس وتضخم الخوف.

٥. ثق بحديث النبي ﷺ: من قال: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم، ثلاث مرات، لم يضره شيء (رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني).

أخيرا: دعاء خاص لك:
اللهم طمئن قلب هذا الشاب، واملأ صدره يقينا، واربط على قلبه ربطا من عندك، واصرف عنه كيد الشيطان والوسواس، واملأ حياته بالسكينة والثبات، واجعل له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، إنك ولي ذلك والقادر عليه.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات