السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
زوجي يعمل في شركة، وغالبية تعاملاته المهنية تكون مع النساء، وأنا أعلم أن الاختلاط ليس محرما ما دام ضمن الضوابط الشرعية والأخلاقية.
لكنني اكتشفت أن زوجي يمازح زميلاته بشكل يتجاوز حدود الأدب، ويستجيب لطلباتهن، حتى تلك التي لا علاقة لها بالعمل، وفي المقابل، لا يتعامل معي بنفس الاهتمام أو المرح، بل يغلب على تعامله معي التجهم، والعصبية، وانعدام الصبر.
ومؤخرا، بدأ يصطحب إحدى زميلاته يوميا صباحا لتوصيلها إلى العمل، ثم يعيدها إلى منزلها بعد انتهاء الدوام، وقد لاحظت من خلال بعض المحادثات وجود لقاءات خارج إطار العمل.
إضافة إلى ذلك، هو يتابع فتيات متبرجات على مواقع التواصل الاجتماعي، ويزور مواقع إباحية، ورغم كل هذا، لا يعترف بحقي في الانزعاج، بل يحاول أن يصورني كامرأة مقصرة، ليبرر أفعاله وتقصيره في العلاقة.
لا أرغب في مهاجمته، أو توجيه اللوم، فزوجي معروف بأخلاقه والتزامه الديني، لكن تصرفاته الأخيرة تناقض هذه الصورة وتؤلمني كثيرا.
أود نصحه بهدوء، وأن أجد حلا لهذه الأزمة، خصوصا وأن ما حصل أدخلنا في خلافات حادة، لدرجة أنه اتهمني بعدم الأمانة فقط؛ لأني وجدت هاتفه مفتوحا على مقاطع لفتيات يرقصن، واطلعت على محادثاته.
لم تكن نيتي التفتيش خلفه، لكن رؤية ذلك المقطع دفعتني للاطلاع على ما يدور من وراء ظهري! فهل من نصيحة، أو توجيه يعينني على التعامل مع هذا الوضع بحكمة وهدوء؟
جزاكم الله خيرا مقدما على مساعدتكم وتفهمكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونحب أن نؤكد أن الذي يحصل من الزوج بالطريقة المذكورة لا يمكن أن يقبل من الناحية الشرعية، ولكننا بحاجة إلى حكمة في نصحه، وحكمة في تذكيره بالله -تبارك وتعالى- وقد أشرت أن له أخلاقا، وفيه ميزات جميلة، وتذكيره بتلك الأخلاق، بأن مثل هذه الممارسات لا تليق به، وأن عليه أن يفعل ما يرضي الله -تبارك وتعالى-، هذا الجانب الأول.
والاستمرار في النصح والحرص عليه بهذه الطريقة مطلب شرعي، و(لأن يهدي الله بك رجلا خير لك من حمر النعم)، فكيف إذا كان الرجل هو هذا الزوج الذي ذكرت أنه يتسم عادة بالأخلاق والدين.
وشكرا لك على رفض ما لا يرضي الله -تبارك وتعالى- وهذا مما تشكرين عليه، لكن الأمر يحتاج منك إلى اجتهاد، وإلى حسن تعامل، واختيار الأوقات المناسبة، ونصحه بالطريقة التي تدل على حبك له، وشفقتك عليه، وخوفك عليه، ليس خوفك منه، فالرجل يحتاج إلى أن يجد منك هذه الثقة، ويجد منك هذه المعاني الجميلة.
الجانب الثاني هو أهمية أن تهتمي أنت بمظهرك وبيتك وحياتك، وتقتربي منه، وتحاولي أن تزيدي القواسم المشتركة، تكلميه في اهتماماته وفي الأمور التي تهمه، تسأليه عن عمله، وعن نجاحاته، وتفرحي بها، هذا كله؛ حتى توفري الجانب الثاني، اجعلي الحديث معه عن زملاء العمل وعما يحدث في العمل، وعن الهموم المشتركة، وكلما زادت القواسم المشتركة بين الزوجين، كانت العلاقة في أحسن صورها، وفي أعلاها.
أيضا مما ينبغي أن تنتبهي له أن تعرفي طبيعته، نفسيته، وتتخذي المواقف الجميلة مدخلا إلى نفسه، فلا تعتمدي النظر إلى السلبيات فقط، لكن انظري إلى الإيجابيات واذكريه بها، واتخذيها مدخلا إلى قلبه.
أنت أيضا بحاجة ألا تعطي الأمور أكبر من حجمها، خاصة إذا كانت أمورا عادية، حتى لا يشعر أنك توسوسين، وأنك تتابعين، ولا تحاولي أن تتهميه مباشرة.
وطالما أنك تشعرين أن العلاقة هي علاقة سطحية، وعلاقة كلام وضحك، وقطعا هذا محرم شرعا، ولكن بعض الشر أهون من بعض.
فكل الذي يحدث لا يمكن أن يقبل، نسأل الله أن يعافي الأمة من وجود النساء مع الرجال في أماكن العمل، وفي غيرها، فإن الشريعة تباعد بين أنفاس النساء وأنفاس الرجال.
أيضا: من المهم أن تتوقفي عن التفتيش في هاتفه أو خلفه؛ لأن الطبيب إذا عرف المرض يبدأ العلاج، ولا يعيد الفحص مرة أخرى، وذكريه بأنك لن تفتشي، لكن الله لا تخفى عليه خافية، وكل مؤمن يراقب الله -تبارك وتعالى- في تصرفاته، ولا تنشغلي بما يدور خلفك، ولكن قومي بدورك كاملا، واعلمي أن الرجل إذا وجد كل احتياجاته في البيت، والمرأة اهتمت به، يعني أنه لن يجد خارج البيت شيئا آخر، وهذا ما ننتظره من أمثالك.
فإذا كانت المتبرجة تبذل وتبرز وتظهر سحرها الحرام، فابذلي أنت ما وهبك الله من جمال، واعلمي أن الزوج اختارك من دون النساء، فهذا يعني أنك (رقم واحد) عنده، لكن واصلي الاهتمام بنفسك، والاهتمام ببيتك، مع الاستمرار في النصح له، والاستمرار مع موقعك أيضا، حتى نتعاون في وضع خطط علاجية لنصحه، والتصحيح.
ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.