السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أنا شاب تعرفت على فتاة تصغرني بخمسة عشر عاما، وهي الآن تبلغ من العمر 18 عاما، وقد تقدمت لخطبتها، ولكن بعد الخطبة، بدأت أطرح تساؤلات حول شخص كنت أشعر بالريبة تجاهه، فاعترفت لي بأنها كانت تتحدث معه كصديق فقط، وذلك عندما كانت في عمر الخامسة عشرة، وحلفت على المصحف بذلك.
المريب في الأمر، أنها عندما سئلت عن إرسال صور له، أجابت بالإيجاب، مؤكدة أنها أرسلت صورتين فقط، لنصف وجهها وهي ترتدي الحجاب، وحلفت بذلك.
منذ ذلك الحين، دخلت في حالة من الاكتئاب امتدت لشهرين، وتوقفت عن ممارسة حياتي الطبيعية، وأصبحت أفكر كثيرا: هل أسامحها؟ هل أثق بها؟ هل أفسخ الخطبة؟ كما راودتني شكوك أخرى، لم أعد أرتاح نفسيا، وأخشى أن تؤثر هذه الأفكار في مستقبل علاقتنا، فهل استمرار هذه الأفكار سيضعف زواجنا لاحقا ويجعله هشا، أم أن الفراق في هذه الحالة هو الأفضل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أخي الكريم- في موقعك استشارات إسلام ويب، ونشكر لك اهتمامك وحرصك وسؤالك، ونسأل الله أن يوفقك، ويصلح أحوالك، ويحقق لك الآمال.
أولا: لا بد من التنبيه إلى أن الخطبة ما هي إلا مجرد وعد بالزواج، ولذلك لا يجوز التواصل بين الخاطب ومخطوبته إلا في حدود الشرع، إذا اقتضت مصلحة الزواج، ووفق ضوابط الشرع الحكيم، فالحكم الشرعي أن الخاطب يظل أجنبيا عن المخطوبة.
ثانيا: هذا الأمر الذي ذكرته في رسالتك، من اعتراف مخطوبتك بأنها كانت تتحدث مع شاب، وتعتبره صديقا فقط، وأنها قد حلفت على المصحف بذلك، ثم أخبرتك لاحقا بأنها أرسلت له صورتين لنصف وجهها وهي بالحجاب، أرى أنه مما ينبغي أن يطوى ولا يروى، لا سيما وأن الأمور لم تنجرف إلى ما لا يحمد عقباه، وكان ذلك قبل خطبتك لها، فلا داعي للبحث والتقصي في هذا الأمر.
بالإضافة إلى ذلك -بارك الله فيك- كانت في سن صغيرة، وقد تقع الفتاة في مثل هذه الأمور أثناء مرحلة المراهقة بسبب غفلة أهلها عنها، مع تأكيدنا على عدم جواز هذا الفعل شرعا.
ثالثا: مخطوبتك قد أظهرت التوبة، واعترافها لك دليل على صدقها ورغبتها في عدم العودة إلى مثل تلك الأمور، فأقل عثرتها، وكن معينا لها على إتمام الزواج، وفي الحديث الشريف عن رسول الله ﷺ أنه قال:"التائب من الذنب كمن لا ذنب له" – رواه ابن ماجه.
رابعا: نصيحتي لك: لا تفتح على نفسك باب الشكوك والأوهام؛ حتى لا تقع في إساءة الظن بمخطوبتك، فإن الله تعالى نهى المؤمنين عن ذلك، فقال سبحانه:{يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا...} [الحجرات: 12] وقال النبي ﷺ: "إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث"، ولا مانع من أن تصارحها بهذه الشكوك وهواجس النفس التي تثقل صدرك؛ حتى تزول هذه الأوهام والظنون -بإذن الله تعالى-.
أما مسألة الاكتئاب الذي ألم بك لمدة شهرين، فالعلاج يبدأ بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، ثم اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى، والمحافظة على الصلاة، وأذكار الصباح والمساء، والإكثار من دعاء زوال الهم والغم، ومن ذلك ما ورد في دعاء النبي ﷺ: "اللهم إني عبدك، وابن عبدك، وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك: أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي".
نصيحتي الأخيرة لك: توكل على الله، وأقبل على الزواج، ولا تجعل فترة الخطبة وقتا ضائعا، أو محفوفا بالقلق والشك.
نسأل الله تعالى أن يشرح صدرك، وأن يتم خطبتك بزواج مبارك، وأن يسعدكما في الدنيا والآخرة.