كيف أواجه إساءات الآخرين وأوقفهم عند حدهم؟

0 0

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب في الرابعة والثلاثين من العمر، أعزب وعاطل عن العمل، وأميل إلى الانطواء، وليس لدي أصدقاء أو علاقات اجتماعية.

هناك بعض الأشخاص الأصغر مني سنا يظهرون لي الاحتقار ويستهزئون بي، ويقللون من شأني أمام الآخرين، وقد أرهقني هذا كثيرا، فقد تجاهلتهم وتغافلت عن تصرفاتهم مرارا دون جدوى.

أرغب الآن في وضع حد لهذا السلوك، ومطالبتهم بعدم الحديث معي، أفكر في أن أواجههم بكلام واضح وحازم، وبنبرة قوية، محذرا إياهم من الاستمرار؛ لأنني لا أقبل أن يساء إلي أو يتم التعدي على كرامتي.

تعبت من تجاهل الإهانة، وأريد أن أستعيد احترامي وأوقف هذه السخرية تماما.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Omer حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكر لك تواصلك، وثقتك في طلب المساعدة، ونقدر مشاعرك وما تمر به من ضغوط نفسية قد تكون مؤلمة بالفعل.

من الواضح أنك تعيش حالة من التوتر والضيق؛ نتيجة الإهانات المتكررة من بعض الأشخاص الأصغر سنا، خاصة في ظل ظروف مثل البطالة، والعزلة الاجتماعية، وقلة العلاقات، وهي عوامل تسهم بطبيعتها في زيادة الحساسية والانزعاج من تصرفات الآخرين.

لكن دعني أؤكد لك أن قوة الشخصية لا تقاس بعدد الأصدقاء أو العلاقات الاجتماعية، وإنما تقاس بقدرتك على مواجهة المواقف الضاغطة، وضبط نفسك، والسعي لتطوير ذاتك نحو الأفضل.

بعض الأشخاص قد يتطاولون؛ لأنهم يرون أن انعزال الآخرين فرصة للتقليل من شأنهم.

فالعزلة والفراغ أحيانا تضعف الثقة بالنفس، وقد تدفع البعض إلى استخدام الآخرين كوسيلة لتفريغ نقصهم الشخصي، لا سيما من يرونهم أكثر هدوءا أو انعزالا، ولكن تذكر دائما أن احترام الذات يبدأ من داخلك، وينعكس على طريقة تعاملك مع من حولك.

لذا ننصحك أخي الكريم بمراعاة عدد من التوجيهات المهمة التي قد تساعدك في التعامل مع هذه المشكلة بشكل فعال ومتوازن:
• كن حازما دون أن تكون عنيفا أو جارحا:
احرص على أن تكون ردودك حازمة وواضحة، لكن دون استخدام العنف اللفظي أو الإهانة، استخدم نبرة صوت متزنة تتناسب مع الموقف، فالصوت المرتفع لا يعكس دائما قوة، بل قد يفهم أحيانا على أنه ضعف في الحجة أو فقدان للسيطرة.

• ارفض الإساءة بوضوح:
من المهم أن تظهر لمن يسيء إليك أنك لا تقبل الإهانة، وأنك لن تسمح بتكرار هذا السلوك مستقبلا، وفي بعض الحالات، يمكن الحديث مع الأشخاص المقربين لتوضيح ما يزعجك، حتى لا يتجاوزوا حدودهم معك.

• مارس التجاهل الواعي عند اللزوم:
في بعض المواقف، يكون تجاهل الشخص المسيء أفضل من الرد عليه، خاصة إذا كان هدفه الاستفزاز، أو التقليل من شأنك، هذا الأسلوب يقلل من تأثيره عليك، ويفقده الدافع للاستمرار في سلوكه السيء.

• ابدأ ببناء علاقات اجتماعية بسيطة ومتزنة:
حاول الانفتاح تدريجيا على دائرة علاقات محدودة من الأشخاص المناسبين، مثل بعض أفراد العائلة، أو الجيران، أو من تتعامل معهم بشكل يومي كأصحاب المحال أو مرتادي المسجد، هذه الخطوات الصغيرة تساعدك على تطوير مهارات التواصل والتعامل مع الناس، تمهيدا للانخراط في علاقات أوسع مستقبلا، كبيئة العمل، أو النشاطات المجتمعية.

• تعامل مع الناس باحترام لتكسب احترامهم:
احترامك للآخرين سيقودك في كثير من الأحيان إلى ردود أفعال إيجابية، وتجنب الدخول في مشادات، أو تبادل إساءات، تجنب تماما استخدام العبارات التي تنطوي على تهديد صريح (مثل: "لن يحدث لكم خير")؛ لأنها قد تفهم بشكل خاطئ وتستخدم ضدك في مواقف لا تحمد عقباها.

تذكر دائما: أن الهيبة لا تكتسب بالصوت العالي أو الانفعال، بل تبنى من خلال الثبات، وضبط النفس، والتصرف بحكمة واتزان.

كما أن استثمار وقت فراغك في البحث الجاد عن فرصة عمل مناسبة قد يساهم بشكل كبير في التخفيف من حدة المشكلة، ويشكل نقطة انطلاق نحو بناء ذاتك من جديد، وتحقيق شعور بالإنجاز يعزز ثقتك بنفسك، ويغير نظرة الآخرين إليك.

نسأل الله أن يوفقك لما فيه الخير والسداد، وأن ييسر لك أبواب الفرج والنجاح.

مواد ذات صلة

الاستشارات