أحب الله لكني مقصر في الصلاة..هل يستقيم حالي؟

0 2

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب في العشرين من عمري، ومنذ سن الخامسة عشرة بدأت أشعر بحالة من فقدان الشغف والاهتمام بالحياة، لا أكره الناس ولا أحبهم، أصبحت مشاعري باهتة، لا أتفاعل، لا مع النعم ولا مع الضيق؛ فكل شيء بالنسبة لي "عادي" ورغم ذلك، أشعر بمحبة عظيمة لله، لدرجة أني أفضل الجلوس بين يديه على دخول الجنة، وأتضايق كثيرا إذا شعرت أني أخطأت في حقه.

أحيانا أشعر بالغيرة من النبي ﷺ؛ لأنه أقرب إلى الله مني، وأشعر أن كل ما أريده هو القرب من الله، ولا شيء سواه، لا أواظب على الصلاة، لكني أحب الاستغفار والتسبيح كثيرا.

فهل ما أشعر به طبيعي؟ وهل أنا على خطر من جهة ديني؟ وما السبيل لاستعادة حيوية القلب والإيمان؟

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فارس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب، نشكر لك تواصلك بالموقع، ونسأل الله تعالى لك مزيدا من الهداية والتوفيق والتسديد.

ونهنئك أولا -أيها الحبيب- بما فتح الله به على قلبك من الأنس بذكر الله تعالى، وحب التقرب إليه، والاشتغال بذكره، وهذا فضل عظيم من الله تعالى، ونعمة كبيرة، وهذه النعمة -أيها الحبيب- تحتاج منك إلى يقظة وانتباه لحراستها من محاولات الشيطان لإفسادها؛ فإن الشيطان لك بالمرصاد، وقد قال النبي الكريم ﷺ: إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه كلها (رواه أحمد والنسائي وصححه الألباني).

فالشيطان يعلم حرصك على مرضاة الله تعالى، وعظيم حبك لله، ومن ثم سيسعى بكل ما استطاع من الحيل الشيطانية، لإفساد هذه الحالة التي تعيشها، وسيأتيك من الأبواب التي توافق رغباتك، ويميل إليها طبعك، وتتوجه إليها نفسك، فكن حذرا من هذا كله.

وهذا يعني أنك بحاجة إلى أن تتفقه في دينك، وتعلم ما هو الشيء الذي يحبه الله تعالى ويريد منك أن تشتغل به؛ فالمحبة الحقيقية لله تعالى تستلزم حب التقرب إليه بطاعته وامتثال أوامره، وكما قال الشاعر: "إن المحب لمن يحب مطيع".

فنحن نتمنى -أيها الحبيب- ونرجو أن تجتهد في تطوير هذه الحالة التي لديك من الإيمان بالله تعالى والتعلق به، والأنس بذكره، وكثرة الاستغفار، وأن تترقى في مدارج الإيمان، وأن ترتقي في أحوال القلب، وهذا لن يكون إلا بمتابعة طريق النبي ﷺ، فإن الله تعالى أرسل إلينا محمدا ﷺ ليدلنا على الطريق التي توصلنا إلى جنة الله ونعيمه، ولا يمكن لأحد أن يصل إلى هذا إلا بالاقتداء والمتابعة للرسول الكريم ﷺ.

وفي كلامك هذا الذي ذكرته في السؤال أشياء طيبة جميلة، ينبغي أن تعززها وتقويها، وهو حبك لله تعالى، وشعورك بالأنس حينما تجلس لذكره، وأنك تفضل ذلك على كل نعيم؛ فهذه مشاعر طيبة، وأحوال إيمانية فاضلة جميلة، ولكن هناك أحوال أخرى خلطت مع هذه الأحوال الجميلة، وهي أحوال تنذر بعواقب غير حميدة، ينبغي أن تجاهد نفسك للتخلص منها، وتغييرها إلى حال أحسن.

أول هذه المخالفات الكبيرة: تركك للصلاة، فالصلاة عماد الإسلام، وهي ثاني الأركان في أركان الإسلام الخمسة، وقد جعلها النبي ﷺ حدا فاصلا بين الإيمان والكفر، فقال ﷺ: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (رواه الترمذي والنسائي وصححه الألباني). ومعنى "العهد": الحد، والصلاة هي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة من عمله، قال عليه الصلاة والسلام:أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة: الصلاة، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر (رواه الترمذي والنسائي وصححه الألباني) فعدم مواظبتك على الصلاة هي واحدة من الحيل الشيطانية التي يريد بها الشيطان أن يفسد عملك الطيب الجميل، وحبك الصادق لله يستلزم أن تقوم بالفرائض التي يحبها الله، وأولها الصلاة.

ومن الأحوال المنذرة بعواقب غير حميدة: ما تشعر به من عدم محبتك للنبي ﷺ، وأنك تغار منه أحيانا؛ لأنه أقرب منك إلى الله؛ فهذه أيضا أحوال شيطانية، بل المفترض في الإنسان المؤمن الذي يحب الله أنه يحب النبي ﷺ، لأنه هو الذي دله على الله، وهو الذي عرفه طريق الله، وهو الذي علمه الأشياء التي يحبها الله.

فينبغي أن يكون حبك للنبي ﷺ أثرا من آثار محبتك لله تعالى، فإن موافقة الحبيب في من يحبهم علامة على صدق المحبة، فاحذر من أن يخرجك الشيطان عن الإطار الصحيح إلى أحوال شيطانية، تجر إليك عواقب وخيمة.

تذكر فضل النبي ﷺ عليك، وما أسدى إليك من الخير بدلالتك على طريق الله تعالى، وما عرفك به من أوصاف الله تعالى، وما علمك من شرع الله تعالى، ومن ثم ستحبه، ويكون حبك له أثرا من آثار محبتك لله تعالى.

أما محبتك للناس؛ فكذلك ينبغي أن تتأثر محبتك للمؤمنين بأحوالك الصادقة مع الله، فإذا أحببت الله فإنك ستحب أحبابه الذين يتقربون إليه، ويطيعونه، وينصرون دينه، ويشتغلون بمراضيه؛ فكل هذه الأحوال -أيها الحبيب- هي مستلزمات للمحبة الصادقة لله سبحانه وتعالى.

حاول أن تجاهد نفسك للقيام بفرائض الله تعالى، وستجد نفسك تتحسن كل يوم نحو الاتجاه الصحيح.

نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.

مواد ذات صلة

الاستشارات