زوجي يتحكم بحياتي ويحاسبني على كل شيء، فماذا أفعل؟!

0 6

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

زوجي رجل شديد التحكم بي، ويحاسبني على الصغيرة قبل الكبيرة في كل شيء في الحياة، ولا يقر بأن لي حقا في أي شيء، مع العلم أنه بحكم عمله يكون خارج البيت طوال اليوم، ولا يأتي إلا في المساء، ويعتبر ذلك اليوم شاق علي نفسيا، ولكنه لا يقدر ذلك.

وإن حدث شيء سواء كان صغيرا أو كبيرا، أو حتى أمرا شخصيا يخصني، فإنه يلزمني بأن أحكي له؛ لأنني في نظره ليس لدي رأي أو حق في أن أتخذ أي قرار، ودائما لا يقدر مشاعري وأحاسيسي تجاه أسلوبه في الكلام، وأنه لا يحق لي أن أبدي مشاعري؛ فهو لا يتفهمها، ولكن يجب علي طاعته في أي شيء، ويريد مني السكوت دائما؛ لأنه -من وجهة نظره- كلامي لا يفيده في شيء.

مع العلم أنه يصرف على بيته، ولا ينقصه شيء، ويجبرني على كتابة كل قرش أصرفه في المنزل، حتى يعرف أين أصرف المال، وكل هذه الأمور أتعبتني نفسيا، وهذا التعب النفسي يؤثر علي جسديا من حيث الاكتئاب، وعدم الراحة، وبالتالي يؤثر على أبنائي.

مع العلم أنه لا يحق لي الخروج أو النزول من البيت حتى يأتي من العمل، ويكون معي، ويقول لي: بأن علي طاعته؛ لأنه لا يطلب إلا حقه، والله أمرني أن أطيعه، وأنا ليس لي أي حقوق، وأنه يتقي الله في، ويعاملني بالمعروف.

أفيدوني بالله عليكم: هل الواجب علي السمع والطاعة، وأنه ليس لي حق حتى أن أرى أخواتي، أو أن أزور أهلي إلا بعد عدة أشهر؟

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Sara حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا وأختنا- الفاضلة في الموقع، ونشكر لك الاهتمام، والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يهدي زوجك حتى يحسن المعاملة؛ فإن حسن المعاشرة من واجبات الشريعة.

وشكرا لك على الثناء على قيامه بواجباته المنزلية، وإن كنا لا نوافق على هذا التشديد، والتعقيد، والصعوبة في التعامل، ونتمنى أن يتواصل مع الموقع؛ حتى يسمع التوجيهات، ونذكره بهدي النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي كان في بيته ضحاكا، بساما، يدخل السرور على أهله -عليه صلاة الله وسلامه-.

وعموما، إذا كان الرجل يقوم بما عليه من الناحية المالية، ومن الناحية المادية، والذي فهمناه من كلامك أنه لا يمانع أن تذهبي لأهلك ولكن معه -هذا الذي فهمناه-، فأرجو أن تشكريه على هذا؛ فإن شكرك على ما يقوم به من الإحسان مفتاح إلى مزيد من الإحسان، ونوع من الشكر له على القيام بهذه الواجبات؛ لأن الإنسان دائما، وخاصة الرجل يحتاج إلى أن يشعر بالتقدير والاحترام، فقومي بما عليك ليغمرك بعد ذلك بالحب والأمان.

اشكريه على الحسنة، واشكريه على اهتمامه، واشكريه على صرفه على أولادكم، واشكريه على حرصه عليك، واشكريه على خوفه عليكم، واشكريه على أنه يوصلك إلى أهلك عندما يكون لديه فرصة، وهذا كله مما ينبغي أن يشكر عليه؛ فإن الإنسان إذا مدحناه بما فيه من إيجابيات، ساعدناه وساعدنا أنفسنا في تغيير السلبيات، والتي نراها واضحة من هذه الشدة، وهذا التدقيق، والتحقيق، والسؤال، وكل هذا مما يتعب الإنسان.

لكن إذا كان هذا هو حال الزوج، فحتى لا تتعبي نفسك، ندعوك إلى أن تأخذي الأمور ببساطة، وأن تتعايشي مع الوضع، وأن تتكيفي عليه، وأن تفعلي ما يحبه الزوج، طالما هو يطلب أشياء شرعية.

ولا أعتقد أن من أنفقت أموالا، أو أرسلت أبناءها لشراء أشياء لبيتها، يصعب عليها أن تحتفظ بالفواتير، ويصعب عليها أن تسجل الأموال، وأين صرفتها، فهذا كله من الأمور التي ما كنا نتمنى أن تحدث، ولكن بما أنها حدثت، فأرجو أن تتعايشي معها، وأرجو أن تتعاملي معها بما يرضيه.

واحرصي دائما على أن تقدمي ما عليك من الواجبات، ثم بعد ذلك أن تطالبيه في الأوقات المناسبة ببعض الأمور، مثل: زيارة أهلك، أو غير ذلك من الأمور، ويكون ذلك بأن تختاري الوقت المناسب لطلبها.

وأيضا كنا بحاجة إلى أن نعرف لماذا هو يرفض كثرة الذهاب إلى أهلك؟ وهل له أسباب في ذلك؟ وهل في البيت هناك شيء غير شرعي؟ وهل يخشى أن يحصل تحريض؟ أو هل يخشى أن يحصل ما يضر الأطفال إذا ذهبوا إلى ذلك المكان كنوع من التقصير، أو نحو ذلك؟ نحن بحاجة إلى أن نعرف الأسباب التي تدفعه إلى هذا.

لكننا دائما ندعو إلى أن يكون الإنسان مرنا وسمحا مع أهله {وعاشروهن بالمعروف}، يثق فيهم، ويعاملهم باللطف، كما أشرنا من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي قال: "خيركم خيركم لنسائهم، وأنا خيركم لأهلي"، وكان حسن المعاشرة، يسامح، ويشارك، ويكون في مهنة أهله، والفلاح لكل رجل يتأسى بسيد الرجال -عليه صلاة ربنا وسلامه-، والفلاح لكل امرأة أن تتأسى بأمهات المؤمنين -عليهن من الله الرحمة والرضوان-.

وإذا وجد هذا النقص في زوجك، فإننا نحمد الله بأن هناك إيجابيات، فاحمدي الله على ما عنده من إيجابيات، وأظهريها، واشكريها، واسألي الله من فضله، ثم كما قلنا: اتخذيها مدخلا إلى تقديم الطلبات، وقولي له: أنت ما قصرت في الإنفاق، وأنت تهتم بنا، وأنت حريص علينا، ولكنني أريد أن أفعل كذا، وأريد أن تعطيني فرصة في كذا، بهذه الطريقة.

وإذا كان هناك مجال في أن يتواصل معنا، وأن يذكر ما عنده؛ حتى يسمع النصائح مباشرة من إخوانه الرجال، فسيكون في ذلك الخير الكثير.

نسأل الله أن يبشرك بأجر الصابرات، وبخير كثير، طالما أنك تقومين بما عليك، والعلاقة الزوجية عبادة لرب البرية؛ فالذي يحسن يجازيه الله، والذي يقصر يحاسبه الله.

نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات