كيف أنصح زوجي الطيب الخلوق كي يلتزم بالصلاة؟

0 1

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا متزوجة منذ تسع سنوات، ومشكلتي هي عدم التزام زوجي بالصلاة، فهو ليس تاركا لها تماما، لكنه يضيع بعض الفروض، ولا يستيقظ لصلاة الفجر أبدا.

لديه الكثير من الصفات الطيبة، ولكن هذه المشكلة تعد الأكبر بالنسبة لي، وتسبب لي النفور منه أحيانا، تحدثت معه مرارا دون جدوى، والآن ألجأ فقط إلى الأسلوب غير المباشر، وذلك بتوجيه طفلتي إلى الصلاة في حضوره.

لم تعد لدي القدرة النفسية على الحديث معه بشكل مباشر، وأشعر بخيبة أمل في كل مرة يضيع فيها فرضا أمامي، وأحاول ألا أظهر غضبي تجنبا للمشاكل، ولا يمكنني الحديث مع أحد من أفراد عائلته لنصحه، لأن ذلك سيزيد الأمر سوءا.

أنا فقط أريد أن أعرف كيف أتعامل مع هذا الوضع دون أن يؤثر علي دينيا أو نفسيا، وأرجو منكم الدعاء له، فهو رجل طيب، كريم، ودود، حسن الخلق، ويحفظ كتاب الله منذ صغره.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ع حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب، نشكر لك تواصلك بالموقع، كما نشكر لك حرصك على صلاح زوجك، وهذا دليل على رجاحة عقلك وحسن إسلامك، نسأل الله تعالى أن يصلح زوجك، ويديم الألفة والمودة بينكما.

أولا، نحن نبشرك -ابنتنا الكريمة- بفضل الله تعالى عليك حين جعلك تشعرين بالمودة أو النفرة بسبب صلاح الإنسان أو فساد حاله، فنفورك من زوجك وشعورك بشيء من البغضاء تجاهه بسبب تقصيره في الصلاة، هذا عمل صالح يدل على وجود الإيمان في قلبك، فإن ‌أوثق ‌عرى ‌الإيمان ‌الحب في الله، والبغض في الله، هكذا قال رسول الله ﷺ.

ولكن مع قيامك بهذه العبادة الجليلة، ينبغي أن تدركي تمام الإدراك -أيتها البنت العزيزة- أن صلاح زوجك ليس أمرا بعيد المنال، وليس شيئا مستحيلا، فالله -سبحانه وتعالى- بيده قلوب الخلق، يقلبها كيف يشاء، فـقلوب العباد بين ‌إصبعين ‌من أصابع الرحمن، يقلبها كيف يشاء كما قال الرسول الكريم ﷺ.

فلا تيأسي أبدا، واعلمي أن لحظة الإصلاح ربما تكون قريبة جدا منك، فتفاءلي، وأحسني ظنك بالله تعالى، وخذي بالأسباب التي توصل إلى هذا المطلوب.

ومن هذه الأسباب، ومن آكدها وأهمها: الدعاء له بظهر الغيب، أن يرزقه الله تعالى الاستقامة، وأن يتوب عليه، وأن يبصره بما ينفعه، وأن يهديه لصلاته، فأكثري من الدعاء له، فالدعاء سبب أكيد في الوصول إلى المطلوب.

ومن الأسباب -أيتها البنت العزيزة- ما تقومين به من تجنب التوجيه المباشر له، فربما يجره ذلك إلى مزيد من العناد والشعور بالكبرياء، بحيث يأبى أن يقبل النصح من زوجته، ولكن النصح غير المباشر سيكون مؤثرا جدا.

ومن النصح غير المباشر أن تسمعيه بطريقة غير مباشرة المواعظ التي تذكره بالجنة وما فيها من النعيم والثواب، وتذكره بالنار وما فيها من الجحيم والعقاب، والمواعظ التي تصف يوم القيامة وأهواله، والقبر وما فيه من شدائد.

فهذه كلها تحيي في القلب الإيمان، وتجدد فيه المعاني الدينية، فإذا صلح القلب صلحت معه باقي الأعمال والجوارح.

ونحن على ثقة من أن زوجك، ما دمت تصفينه بهذه الصفات الطيبة، من حسن الخلق معك ومع من حوله، والكرم، وأنه يحفظ كتاب الله تعالى منذ صغره، كل هذه الصفات تجعله مؤهلا لأن يكون محلا لرحمات الله تعالى، وفضل الله تعالى، فالله تعالى حكيم، يضع فضله ورحمته حيث يعلم -سبحانه وتعالى- أن الشخص يستحقها وهو أهل لها.

وما دام زوجك متصفا بالصفات الجميلة والأخلاق النبيلة، فنرجو الله تعالى أن يجعله موضعا لرحمته، فيهدي قلبه، وييسر له عمل الخير، فلا تيأسي أبدا.

من الوسائل والأسباب المفيدة النافعة: أن تقيمي علاقات مع الأسر التي فيها رجال صالحون، يتأثر بهم عند مجالستهم، وربما تكون الزيارات بينهم مجددة لنشاطه ومحية لقلبه، فحاولي أن تقيمي هذا النوع من العلاقات مع الأسر المستقيمة، التي فيها أناس صالحون، سواء كانوا من الأقارب أو من غير الأقارب، من الجيران أو غيرهم، بطريق غير مباشر، وهذا كله من النصح والوعظ غير المباشر الذي يجعله قريبا إلى القلب.

نوصيك -ابنتنا الكريمة- بأن تحسني معاملة زوجك، وأن تكثري من التودد إليه، وأن تحذري من التفريط في حقه تحت مبرر أنه يضيع بعض الصلوات؛ فإن هذا السلوك لو صدر منك لن يزيده إلا عنادا ونفرة منك.

حاولي أن تتقربي إليه، فالنفوس مجبولة على حب من أحسن إليها، وحاولي أن تظهري له رحمتك به وحبك له وحرصك على نجاته من عذاب الله.

وبوحك له بهذه المشاعر بين وقت وآخر، من شأنه أن يعزز محبتك في قلبه، ويجعله منصتا لنصائحك، ولو لم ينفذ في نفسه، فإنه سيقلب النظر فيها ويعيد التفكير فيها، مما يكون من شأنه ـــ إن شاء الله تعالى ــ قبول نصحك له.

نسأل الله تعالى أن يصلحه ويتوب عليه، وان يديم الألفة والمودة بينكما، إنه جواد كريم.

مواد ذات صلة

الاستشارات