الأدوية النفسية، ومدى الاستجابة بين مريض وآخر

0 0

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شكرا لكم على ما تقدمونه من خدمات مفيدة للمجتمع العربي والإسلامي.

أعاني من قلق شديد جدا، وبعض الوساوس، واكتئاب حاد، تناولت أغلب مضادات الاكتئاب، لكن زاد عندي الأرق والقلق والتململ الجسدي، إلا أن دواء (نورتريبتيلين) سبب لي تململا بسيطا، لكنه مقبول، وتحسن القلق قليلا، لكنه لا يزال موجودا ويؤثر على حياتي، علما أنني أتناول أقصى جرعة، ورأيت في استشاراتكم أنه في هذه الحالات يتم تناول مهدئ مؤقتا، لحين تعود الجسم على مضاد الاكتئاب، فهل هذا ينطبق على حالتي أيضا؟

الطبيب وصف لي (فالبورات الصوديوم 600) و(أولانزابين 10 ملغ) و(نورتريبتيلين 100 ملغ)، وقال لي: إن باقي الأدوية ستحل مشكلة الأفكار الزائدة، التي حصلت بسبب النورتريبتيلين، وأخبرني بأنه يشك بإصابتي باضطراب الشخصية الحدية، علما أنه لا يوجد في عائلتي أحد مصاب بهذه الحالات، ولا حتى اضطراب ثنائي القطب، ووالدي يعاني من قلق، وجدي أيضا، فأنا شبه متأكد أن ما أعانيه هو قلق شديد وبعض الوساوس.

فهل من الممكن أن يكون لدي تحسس على مستوى الناقلات العصبية لزيادة السيروتونين، بحيث أن أي دواء يزيد السيروتونين يسبب لي هذه الأعراض؟ وبالنسبة لـ (جابابنتين) و(بريجابلين)، هل أستطيع استخدامهما للقلق لفترة طويلة، أم هناك خطر الإدمان؟

شكرا لكم مجددا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في إسلام ويب، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أنت ذكرت أنك كنت تتناول (نورتربتلين، Nortriptyline) وسبب لك تململا بسيطا، وتتناول الجرعة القصوى في المساء، وهو دواء فعال، لكنه قد يزيد من اليقظة لدى الإنسان، وفي ذات الوقت ذكرت أن الطبيب قد وصف لك (فالبورات الصوديوم، Sodium Valproate)، و(أولانزابين، Olanzapine)، ونورتربتلين كما ذكرت بجرعة 100 ملغ.

هذه الأدوية لا تستعمل أساسا في علاج الوساوس، إنما هي أدوية تخصصية، ويمكن أن تستخدم في اضطرابات المزاج عموما، فهي مخصصة لعلاج اضطرابات المزاج مهما كان نوعها، فأنصحك بمراجعة التشخيص مع الطبيب، وكذلك نوعية الأدوية التي تتناولها.

بالنسبة لموضوع التحسس على مستوى الناقلات العصبية، هو أمر معروف، وحتى بعض الأدوية لديها ما يعرف بالفعل العكسي، فمثلا: بعض من يتناولون (فلوكستين، Fluoxetine) – وهو من أفضل الأدوية التي تعمل على تنظيم الـ (سيروتونين - Serotonin) – قد يعانون في البداية من قلق شديد وتململ حركي، ثم بعد ذلك يبدأ التحسن، وكذلك الأمر مع (سيبرالكس، Cipralex)، واسمه العلمي (إيسيتالوبرام، Escitalopram).

فإذا، وجود فعل عكسي لبعض الأدوية أمر مثبت علميا، كما أن الناس يختلفون في تفاعلهم معها، قد يأتي مريض ويستفيد من دواء معين، ويشفى تماما بإذن الله، ثم يأتي شخص آخر لديه نفس أعراض الشخص الأول، ولا يستفيد من نفس الدواء، هذه فروق فردية طبيعية، وهو أمر نلاحظه كثيرا في الممارسة الطبية.

إذا كانت درجة الوساوس شديدة أو متوسطة لديك، فقد يزيد الأولانزابين من الوساوس، وهذه نقطة يجب الانتباه لها، لكن هذا لا يعني أن تتوقف عن تناوله من تلقاء نفسك؛ ما دام الطبيب قد وصفه، فلا بد أن يكون القرار بشأنه بيد الطبيب.

أما بالنسبة لـ (جابابنتين، Gabapentin) و(بريجابلين، Pregabalin)، فلا شك أن هذين الدوائين يعدان من الخيارات الممتازة في علاج القلق والتوتر، لكن التعود عليهما وارد، ولا شك في ذلك، خاصة البريجابلين، والمعروف تجاريا باسم (ليريكا، Lyrica).

وأنا حقيقة لا أنصحك باستعمال البريجابلين؛ فرغم فعاليته الكبيرة في علاج القلق، وكذلك في حالات التنمل والآلام الجسدية، إلا أن التعود عليه شائع، فكثير ممن يبدؤون بجرعة 75 ملغ ليلا، بعد فترة لا يشعرون بنفس الفعالية، فيضطرون إلى زيادة الجرعة، مما قد يؤدي إلى الاعتماد، لذا من الأفضل الحذر، وعدم استخدام هذه الأدوية لفترات طويلة دون متابعة طبية.

يمكنك تجربة أدوية بديلة فعالة لعلاج القلق، مثل (بوسبار، Buspar)، المعروف أيضا باسم (بوسبيرون، Buspirone)، بجرعة معقولة، أو جرعة معتدلة من (سلبرايد، Sulpiride)، المعروف تجاريا باسم (دوجماتيل، Dogmatil)؛ فكلاهما يساعد كثيرا في علاج القلق، ويتميز بسرعة الفعالية، وهناك أدوية أخرى كثيرة في هذا السياق.

طبعا، ممارسة الرياضة -خصوصا رياضة المشي أو أي نشاط بدني منتظم- تعتبر مفيدة جدا في علاج القلق، وكذلك تمارين الاسترخاء فعالة جدا في التخفيف من القلق والتوتر، ولذلك نحن دائما ننصح بالوسائل غير الدوائية إلى جانب العلاج الدوائي، فالاعتماد عليها -متى ما أمكن- أفضل من الاعتماد الكامل على الأدوية.

بالنسبة لتشخيص اضطراب الشخصية الحدية (Borderline Personality Disorder)، فهو تشخيص تختلف حوله الآراء، لكن الملاحظ أن كثيرا من المرضى المصابين به يتحسنون مع مرور الوقت.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات