أشعر أنني عاجز عن عبادة الله كما ينبغي..فهل من نصيحة؟

0 0

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيكم، وفي صحتكم، وأعماركم، وجزاكم الله عنا خير الجزاء.

أستأذنكم في عرض مشكلتي، فأنا شاب أبلغ من العمر 21 عاما، وأشعر أنني أتألم وأموت ببطء، وأعيش في حالة من الخوف الشديد من الله تعالى، حتى أصبحت هذه الحالة ترهقني نفسيا.

أشعر أن الله لا يحبني، وأنه لا يريد لي التوفيق في عبادته، مع أنني أحاول أن أؤدي صلواتي، وأدعوه أن يثبتني على ذكره وشكره وحسن عبادته، لكنني في النهاية لا أستطيع الاستمرار، فأنقطع عن الصلاة لفترات طويلة، وهذا ما يعذبني منذ أكثر من سبع سنوات.

ولا يقتصر الأمر على الصلاة فحسب، بل يشمل عبادات أخرى كثيرة، وأشعر أنني عاجز عن عبادة الله كما ينبغي مهما حاولت.

هناك ذنب معين يسيطر علي، مرتبط بعدم قدرتي على الزواج، وقد حاولت أن ألتزم بما أوصى به النبي -صلى الله عليه وسلم-، كالصيام، لكنه لم يكن كافيا، فأعود إلى هذا الذنب، رغم دعائي لله أن يخلصني منه ويجعلني أكرهه.

أخشى أن يكون الله قد كتب علي الضلالة، وأخاف أن يكون لا يريد لي الهداية، ولا أن يرضى عني، وأشعر أحيانا أنني مهما فعلت فلن ينالني رضاه، أعلم أن هذا التفكير خاطئ، لكنه يسيطر علي، ولا أستطيع دفعه.

أعيش كل يوم في صراع داخلي مرهق بين نفسي، والشيطان، والنفس الأمارة بالسوء، صراع ينهكني نفسيا ويضعف قوتي وإرادتي.

أنا خائف، وتائه، ولا أعلم ماذا أفعل! أرجوكم، دلوني، فإنني لم أعد قادرا على الاحتمال، أشعر أنني أتعذب في هذه الدنيا، وأخشى أن أعذب في الآخرة.

أعتذر إن كنت قد أثقلت عليكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يوسف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أولا: اتق الله، وأحسن الظن بالله، فقولك: أشعر أن الله لا يحبني، وأنه لا يريد لي التوفيق في عبادته، هو من سوء الظن بالله، فعليك أن تحسن الظن بربك تعالى، ففي الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله" [رواه مسلم]، بل احذر من إساءة الظن بالله، فإنها من صفات الذين لا يرجون الله، كما قال تعالى: {يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية} [آل عمران: 154] فأحسن الظن بربك، وتذكر الحديث القدسي: "أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء" [رواه مسلم].

ثانيا: عليك أن تأخذ بالأسباب: أسباب الهداية، وأسباب الثبات على العبادة، ولا سيما الصلاة، فإن الله تعالى قال في محكم التنزيل: {والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم} [محمد: 17].

وقد يكون الإنسان في بداية طريق الهداية، فيحتاج إلى مجاهدة وكلفة في المحافظة على الصلاة وغيرها من الطاعات، لكن مع مرور الأيام، ستجد نفسك منشرح الصدر لها.
قال بعض السلف: "تفقدوا حلاوة الإيمان في ثلاثة مواضع: عند الصلاة، وعند قراءة القرآن، وعند الخلوة بالنفس"، وما دمت قد سألت الله الثبات، فلن تحرم الخير من رب كريم، فهو سبحانه أرحم بنا من أمهاتنا.

رابعا: ما ذكرته في رسالتك من ذنب يسيطر عليك، وتشعر أنه سبب انقطاعك عن الله، فإياك واليأس أو القنوط من رحمة الله، فمهما قصرت أو وقعت في ذنب، فلا يدفعك ذلك إلى ترك الصلاة، فالصلاة عماد الدين، وهي كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة: الصلاة، فإن صلحت، صلح سائر عمله، وإن فسدت، فسد سائر عمله" [صححه الألباني].

أما محاولتك تطبيق وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: "يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع، فعليه بالصوم، فإنه له وجاء" [متفق عليه]، فهي محاولة طيبة، فاستمر عليها، ولا يثبطنك الشيطان عنها كما ذكرت، فالصوم يضيق مجاري الشيطان، وقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم" [رواه البخاري].

وأنصحك بترك كل الأسباب التي تثير النفس وتحرك الشهوة الكامنة، وأهمها: النظرة، فاتق الله وغض بصرك؛ فالنظر باب الشهوة، ومن تتبع النظر لا يجني إلا الحسرات، بينما غض البصر يجلب حلاوة الإيمان، كما جاء في الحديث.

كذلك احذر هذه الوساوس الشيطانية التي وردت في رسالتك، كقولك: أخشى أن يكون الله قد كتب علي الضلالة، وأخاف أن يكون لا يريد لي الهداية، فهذه أفكار باطلة، ووساوس يجب دفعها، وإذا جاءتك هذه الهواجس فاستعذ بالله منها، كما قال الله تعالى: {وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله، إنه هو السميع العليم} [فصلت: 36].

وخلاصة نصيحتي لك: ابدأ صفحة جديدة مع الله تعالى، وأبعد عنك هذه الأوهام والوساوس الشيطانية، وأحسن الظن بربك جل وعلا، وسترى الخير الكثير -بإذن الله-، واعمل بأسباب الزواج؛ فلعل الله يصلح حالك به، وحافظ على الصلاة؛ فهي مفتاح كل خير.

وفي الختام: أسأل الله تعالى أن يبعد عنك هذه الوساوس الشيطانية، وأن يصرف عنك سوء الظن بربك، وأن يشرح صدرك للخير والإيمان، وأن يجعلك من المحافظين على الصلاة، وأن يرزقك الزوجة الصالحة التي تعينك على طاعته.

اللهم آمين.

مواد ذات صلة

الاستشارات