السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قبل زواجي كنت أفكر في السكن بعيدا عن بيت أهل الزوج، من باب الحيطة؛ نظرا لما نراه ونسمعه من قصص ومشاكل، وعند قبولي لزوجي، لم يخطر ببالي أنه يمكنني اشتراط هذا الأمر، وشعرت أن الحديث فيه قد يكون محرجا، فقبلت على أساس أننا سنعيش في أوروبا، بعيدا عن أهله.
لكن سبحان الله، الآن قررنا العودة إلى سوريا، وقد اتفق هو وأهله على السكن جميعا في نفس الحاكورة (الأرض)، وأنا أعلم طبعي جيدا، فلا أستطيع التعايش معهم؛ نحن من بيئات مختلفة تماما، وهم يحبون التدخل في كل شيء.
تحدثنا أنا وزوجي في الموضوع، فقال لي إنني على خطأ، وإنه من المفترض أن آمره بالمعروف! واشتد النقاش بيننا، وانتهى بقوله: "اذهبي واسكني عند أهلك، أهلي أهم منك!"، ولم يراع أن هذا الأمر يرتبط براحة نفسي واستقراري.
لا أعلم هل أنا آثمة فعلا؟ وهل ما أطلبه غير جائز؟ مع أنني أعلم أنني لن أكون سعيدة في وسطهم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Malak حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الزواج نعمة من نعم الله تعالى على هذا الإنسان، يجب أن يشكر الله عليها، وإن من شكر هذه النعمة المحافظة عليها، وبذل الأسباب من قبل الزوجين في إرساء قواعد المحبة والتفاهم البناء بينهما، وأنت -أختي الكريمة- قبل أن أشاركك في إيجاد الحل المناسب لمشكلتك أحب أن أبين لك الآتي:
أولا: إياك أن تتأثري بتلك الحكايات والقصص التي تسمعينها عن تجارب زوجات مع أسر أزواجهن، في حال عاشوا جميعا في بيت واحد، فالأسر تختلف، والزوجة الحكيمة تعرف كيف تتصرف عند المصادمة مع الآخرين، كأم الزوج وأخواته في الغالب.
ثانيا: حاولي التأقلم مع الحياة الجديدة في وطنك الأم، وترك العادات التي تعودت عليها في بلد المهجر، ولو بالمجاهدة.
ثالثا: أنصحك حاليا بغض الطرف عن موضوع الخروج من بيت أسرة زوجك، بل أغلقي هذا الباب في النقاش مع زوجك، حتى لا تقع مشاكل بينكما في الفترة الحالية، ولذلك كانت نتيجة نقاشك مع زوجك وطلب خروجك من بيت أسرته أن قال لك: "اذهبي اسكني عند أهلك، أنا أهلي أهم منك"، وهذه نتيجة غير مرضية للجميع، ويمكن أن أعطيك الحلول التالية:
1- اتركي نقاش هذا الموضوع، وسترين أنه مع مرور الأيام زوجك هو من سيقرر الخروج إلى مسكن مستقل، وهذا أصلا هو المطلوب شرعا، ولكن اعطيه زمنا يقتنع بذلك ويحل الصعوبات المالية، فغالبا من يسكن مع والديه يكون مضطرا؛ لكونه لا يستطيع الاستقلال بنفسه بسبب الظروف المالية.
2- حاولي كسب رضا والديه؛ فإنه طريق مهم لكسب رضا زوجك عنك، مع إقامة علاقة طيبة مع أخوات زوجك، وغض الطرف عن بعض المواقف التي قد تحصل بين الزوجة وأهل زوجها؛ فالتغافل مطلوب في هذه المواقف، وأسلم للدين والنفس.
3- أختي الكريمة: اعلمي أن طاعتك لزوجك أمر تؤجرين عليه، فتكسبين رضا الله ثم رضا زوجك، بل حتى رضا والديك وأسرتك، فهم يتمنون لك السعادة الزوجية، وأن أي مشكلة تقع لك وخاصة مع زوجك بسبب المشاكل الزوجية، سيدخل الحزن إلى قلوبهم.
4- إليك أختي الكريمة فضل طاعة الزوجة لزوجها، قال الله تعالى: "الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم علىٰ بعض وبما أنفقوا من أموالهم ۚ فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله" (النساء: 34) وفي الحديث عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة" رواه الترمذي.
واعلمي أن أعظم ما يفرح الشيطان هو الفراق بين الزوجين، فاحذري هذا الأمر، وابتعدي عن الأسباب التي تؤدي إلى الفراق أو الطلاق، وكوني سببا في سعادة زوجك، تسعدين في الدنيا والآخرة.
وفي الأخير: أسأل الله لكما السعادة الزوجية، والرزق، والذرية الصالحة، اللهم آمين.