السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا أبلغ من العمر 18 عاما، ومنذ أن كنت صغيرا وأنا أعاني من الرهاب الاجتماعي، ومن أبرز الأعراض التي كانت تسبب لي الألم هو ضعف صوتي عند التحدث مع الغرباء، بينما يكون صوتي قويا عند الحديث مع أسرتي.
قبل ثلاث سنوات، دفعني والدي للعمل، وكان أكثر ما يؤلمني هو أن صوتي لا يسمع، ولا ينتبه أحد إلى أنني تحدثت، حتى وإن كانوا ينظرون إلي، وكنت ألقي التحية ولا أحد يرد علي.
شاهدت فيديو يتحدث عن ضرورة التظاهر بالثقة بالنفس حتى أكتسبها، وعندما تظاهرت بالثقة أصبحت قادرا على التحدث بصوت مرتفع مع الآخرين، لكن بعد يومين انتكست حالتي، والغريب أنني انتكست أيضا مع أسرتي، فلم أعد قادرا على التحدث معهم بصوت مرتفع.
ثم بعد يومين، استطعت مجددا أن أتحدث بصوت عال، وبعدها بيومين عادت الانتكاسة، وهكذا تكررت الحالة،، ولكن منذ سبعة أشهر، لم أعد قادرا على التحدث بصوت مسموع، لا مع أسرتي ولا مع أي أحد، وكلما قلت كلمة يطلبون مني أن أعيد ما قلت، أو لا ينتبهون لكلامي من الأساس.
لا يوجد عندي خوف واضح، ولا أعاني من مشكلة عضوية، ولا أدري ما هو الحل، وليس لدي المال الكافي للذهاب إلى معالج نفسي.
أرجو منكم الإجابة على مشكلتي في أقرب وقت، فأنا أعاني بشدة، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا جزيلا على سؤالك، فيما يتعلق بموضوع انخفاض الصوت أثناء الحديث، والمرتبط بالرهاب الاجتماعي، وقد ذكرت أنك حاولت بعض التمارين، منها ما شاهدته في فيديو عن التظاهر بالثقة بالنفس، ونجح هذا الأمر بالفعل، ولكن في فترات قصيرة ومتعددة، ثم عاد الصوت إلى الانخفاض، حتى إنك تعاني من صعوبة الحديث بصوت مسموع مع أسرتك.
الإجابة على هذه المشكلة تتطلب منك القيام بتمارين دون وجود أشخاص معك، أي وأنت بمفردك، ولكن الأمر يحتاج منك إلى الاستفادة من: الشاشة؛ إذا كان هناك جهاز كمبيوتر يمكن التعامل معه، أو شاشة الهاتف، إذا أمكن استخدام الهاتف كبديل لذلك.
التمارين تتعلق بالآتي:
- أولا: محاولة إعداد مجموعة من السيناريوهات اليومية التي تمر بها، وكتابتها في شكل لقاءات أو حوارات.
- بعد ذلك تقوم بممارسة الحديث من خلال هذه السيناريوهات، أو المقابلات، مع أشخاص وهميين، عن طريق تسجيل صوتك، إما على جهاز الكمبيوتر أو على الهاتف.
- بعد الانتهاء، تقوم بإيقاف التسجيل، ثم تعيد الاستماع إليه.
قد تلاحظ أثناء الاستماع لتسجيلك الأول أن صوتك غير واضح، أو منخفض بدرجة يصعب معها سماعه جيدا، وحينها يستحسن أن تعيد التسجيل مرة أخرى، مع التركيز على رفع صوتك تدريجيا في كل مرة، حتى تتمكن من الوصول إلى مستوى الصوت المناسب، والذي ترغب في استخدامه أثناء حديثك مع الآخرين بشكل طبيعي ومنتظم.
هذا التمرين يتطلب منك المداومة عليه وتكراره لفترات متتالية، في البداية وأنت بمفردك، حتى تعتاد على إخراج الكلمات والمفردات بصوت مسموع وواضح كما تسمعه في التسجيل، كما يمكنك أن تسجل مقطع فيديو لنفسك، لتلاحظ وضعية جسدك وحركاتك أثناء الكلام، وتراقب أداءك بشكل أدق.
ومع الاستمرار على هذه الطريقة، ستجد نفسك قادرا على تطبيق نفس درجة الصوت بثقة أثناء الحديث مع أسرتك والمقربين منك.
وإذا استطعت تنفيذ هذا التدريب باستخدام الكمبيوتر أو الهاتف، فبإمكانك بعد ذلك تجربة الأمر مع شخص مقرب منك، كأحد إخوتك أو أصدقائك الموثوقين، لتتدرب معه على نفس تمارين الحديث، حتى تتأكد من أن صوتك أصبح واضحا ومسموعا، ويمكن لمن حولك التفاعل معك بسهولة.
وبمرور الوقت، ستلاحظ أنك قد تمكنت تدريجيا من التحكم في نبرة صوتك، واكتسبت القوة والثبات في الحديث مع الآخرين، مما سيسهم بإذن الله في استعادة ثقتك بنفسك عند التحدث.
ورغم أن التدريب من خلال الهاتف أو عبر التسجيلات الصوتية والمرئية يعد وسيلة فعالة ومفيدة، إلا أنك ستظل بحاجة إلى تطبيق ذلك عمليا في المواقف الحقيقية مع من حولك، لتستمع إلى آرائهم المباشرة حول مستوى صوتك، سواء كان بحاجة إلى رفعه أو خفضه، حتى تصل إلى الدرجة التي تضمن أن يكون كلامك واضحا ومسموعا للجميع.
جرب هذه التمارين، وبإذن الله ستجد أنك قادرا على استعادة ثقتك بنفسك، والوصول إلى درجة الصوت المناسبة التي تمكنك من التفاهم مع الآخرين بسهولة.
وإذا لم تحقق هذه التمارين النتائج المرجوة، فبإمكانك اللجوء إلى أحد أخصائيي التخاطب؛ إذ لديهم طرق واستراتيجيات علاجية متقدمة تطبق في جلسات مخصصة، ومع ذلك: وبما أنك أشرت إلى أن ظروفك الحالية لا تسمح بمراجعة معالج نفسي، فمن الأنسب أن تبدأ أولا بهذه التمارين الذاتية، لتكتسب بعض المهارات العملية، قبل اللجوء إلى مراجعة مختص في التخاطب أو العلاج النفسي مستقبلا.
عافاك الله ووفقك.