وصلت إلى مرحلة أتمنى أن يأخذني الله إلى مكان لا يعلمه أحد!

0 1

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حياكم الله القائمين والعاملين في موقع "إسلام ويب" من الاستشاريين وغيرهم من الطيبين.

أود منكم، من فضلكم، أن تشرحوا لي الحالة التي وصلت إليها، فأنا أشعر بالاختناق والكآبة، وعندما أستيقظ من النوم ينتابني خوف شديد، وأشعر بألم في جسدي، في أماكن يبدو أنها تتأثر من شدة التوتر، كما أنني أعيش حالة من التشتت، ولم أعد أهتم بدراستي الإلكترونية، رغم أنه من المفترض أن هذا هو فصلي الدراسي الأخير، ويجب أن أشحذ همتي للإنجاز.

أتكاسل عن أداء الصلاة في وقتها، وأصلي الفجر وأنا أشعر بالاختناق، والله، أكاد أختنق بالفعل، أعلم أن بوصلة الإنسان هي الرجوع إلى ربه، والتفتيش في الذنوب والانحرافات، فهذا هو الأساس لحل المشاكل التي تعترض الإنسان.

مرات عديدة تحدثت مع نفسي قائلة: من أنا؟ ولماذا أنا هنا؟ بل حتى ذات مرة سألت زوجي: من أنت؟! كنت أحيانا أشعر معه أنني أسعد إنسانة، وفي أحيان أخرى أكره الأرض التي يمشي عليها.

رغم أنني أدرس الإرشاد، إلا إنني متعطشة لمن يرشدني أنا، ويأخذ بيدي إلى طريق الصواب، نحن نعرف هذا الطريق، لكن الوصول إليه صار صعبا علي، وصلت إلى مرحلة أتمنى فيها، من كل قلبي أن أموت، أو أن يأخذني الله إلى عالم لا يعلمه أحد، كأنني أتمنى رحلة إلى السماء بعيدا عن هذا العالم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حنين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك في إسلام ويب، ونسأل الله أن يربط على قلبك، ويزيل همك، ويرزقك برد اليقين، ودفء السكينة، ونور الهداية.

دعينا نجيب على رسائلك من خلال ما يلي:

أولا: ما توصيف هذه الحالة؟ كلماتك تشير إلى أنك تمرين بواحدة أو أكثر من الحالات الآتية:

اكتئاب نفسي متوسط إلى شديد:
- فقدان الشغف بالدراسة.
-الإحساس بالاختناق.
-أمنيات الموت أحيانا.
- تقلب المشاعر (من حب إلى كراهية مفاجئة).
- الشعور بالذنب والتقصير.
- اضطراب في النوم وصلاة الفجر.

وحين تقولين: "من أنا؟ ولماذا أنا هنا؟": هذا يحدث أحيانا حين يشعر المرء بالغربة الفكرية والاجتماعية حتى مع أقرب الناس.

ثانيا: لماذا يحدث هذا؟ لعدة أسباب قد يكون منها:
- وجود طاقة حيوية دون إيجاد التصريف السليم، حتى تراكمت الآلام بداخلك، وارتدت على قلبك غصة لا توصف.
- أو لأنك تحاولين أن تكوني دائما القوية، دون أن تجدي من يمسك يدك بلطف في لحظة الانكسار.
- أو ربما أهملت نفسك في سبيل دورك كزوجة وطالبة وموجهة، فبدأت نفسك تطالب بحقها من راحة.
- أو تسلط الشيطان عليك لأي سبب، إما ضعف تدين أو وجود حسد أو عين.

كل هذه احتمالات قائمة.

ثالثا: كيف نتعامل مع هذا الوضع؟

1. لا تهملي الجانب النفسي: ما تمرين به قد يكون اكتئابا حقيقيا لا مجرد حزن أو فتور إيماني، لذا لا بد من الاستماع جيدا إلى ما سيقوله سعادة الدكتور/ محمد عبد العليم من توجيهات.
2. المحافظة على الرقية الشرعية وأذكار الصباح والمساء، مع المحافظة على الصلوات والسنن في أوقاتها، وقراءة سورة البقرة يوميا أو الاستماع إليها.
3. أعيدي ترتيب حياتك: ضعي لك مهام يومية وأسبوعية وسنوية على أن تكون واقعية التحقيق.
4. في العلاقة مع زوجك: تلك التقلبات ليست دليلا على أنك تكرهينه، بل هي عرض عن مرض، لذا أوثقي حبالك بزوجك، وصارحيه بلطف، واطلبي منه أن يحتويك هذه الأيام

استمري على هذا الجدول فترة زمنية، مع أخذ استشارة الطبيب النفسي وستجدين الخير -إن شاء الله-.

ونحن ندعو الله لك أن يعافيك، وأن يشفيك، اللهم إن هذه الأخت أقبلت بوجعها، فلا تردها، اللهم ارزقها سكينة في القلب، ونورا في البصيرة، وأنسا بك لا يقطعه شيء، اللهم واهدها لنورك، وأعنها على نفسها، ولا تكلها إلى سواك.

والله الموفق
_______________
انتهت إجابة د. أحمد المحمدي -مستشار الشؤون الأسرية والتربوية-،
وتليها إجابة د. محمد عبد العليم -استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان-.
_______________
نرحب بك في إسلام ويب، ونشكرك كثيرا على ثقتك بهذا الموقع.

الشعور بالاختناق هو دليل على وجود توتر نفسي داخلي تحول إلى توتر عضلي، والنفس تحتقن كما يحتقن الأنف، وحين يحصل القلق والتوتر النفسي -كما ذكرت لك- يتحول إلى توتر جسدي، وأكثر عضلات الإنسان تأثرا هي: عضلات القفص الصدري، وفروة الرأس، وعضلات القولون، وعضلات أسفل الظهر، لذا كثير من الناس تحدث لهم ما نسميه بالأعراض النفسوجسدية (Psychosomatic).

حالتك -إن شاء الله- بسيطة جدا، هو مجرد قلق اكتئابي بسيط وعابر -إن شاء الله-، وكل الذي تحتاجينه هو أن يكون لديك يقين بأن جسد الإنسان، ونفسه، وعقله، وتفكيره، كلها مؤهلة لأن تصحح مساراتها، بمعنى أن الله تعالى قد خلق جسد الإنسان، ووهبه الآليات والمهارات التي من خلالها يصل الإنسان إلى ما نسميه بحالة التوازن الداخلي، أو "الاستتباب.

يعني عندما تمر بنا هذه الظروف النفسية، إذا صبرنا وثابرنا، وكنا متفائلين وكنا إيجابيين، فإن الإنسان سيتحسن -بإذن الله- من خلال هذه الآلية الفطرية، وهي آلية التوازن التلقائي والاستتباب التلقائي.

ولتساعدي نفسك أرجو أن تطبقي تمارين الاسترخاء، تمارين التنفس المتدرج من أفضل وسائل العلاج، وتوجد برامج ممتازة جدا على الإنترنت توضح كيفية تطبيق تمرين التنفس المتدرج، فأرجو أن تطبقي هذه التمارين.

كما أنه من الجيد إذا تناولت أحد الأدوية البسيطة جدا التي تحسن المزاج، وتزيل الاختناق والمخاوف، وتعطيك الشعور الإيجابي، ومن أفضل الأدوية دواء يسمى (سيبرالكس) هذا اسمه التجاري، واسمه العلمي (إيستالوبرام)، تحتاجين لتناوله بجرعة صغيرة، هناك حبة تحتوي على 10 ملجم.
• ابدئي بنصف حبة (5 ملجم) يوميا لمدة 10 أيام.
• ثم تناولي حبة كاملة (10 ملجم) يوميا لمدة ثلاثة أشهر.
• ثم بعد ذلك خففي الجرعة إلى نصف حبة (5 ملجم) يوميا لمدة أسبوعين.
• ثم اجعليها نصف حبة (5 ملجم) يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين.
• ثم توقفي عن تناول الدواء.

أرجو أن تكوني متفائلة، عيشي على الأمل والرجاء، أنت لديك أشياء طيبة في حياتك، ركزي على دراستك، وأحسني إدارة وقتك، واحرصي على أداء الصلوات في وقتها، مهما كان هنالك تكاسل فيجب أن ترفعي من شأن الصلاة في فكرك ووجدانك؛ نعم، الصلاة عماد الدين، وهي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، وهي تفرج الكربات، وقد كان رسول الله ﷺ يقول لسيدنا بلال بن رباح: "أرحنا بها يا بلال"، فأرجو أن تريحي نفسك بالصلاة، واحرصي على وردك القرآني اليومي، واستمتعي بالحياة مهما كانت فيها صعوبات؛ فالحمد لله الطيبات أكثر.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات