هل لي أن أتزوج بفتاة أحبها رغم رفض العائلات؟

0 2

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هل لي أن أتزوج فتاة أحببتها وتعلقت روحي بروحها، رغم كثرة العوائق؟ وما هو أفضل الحلول، وأعظمها قبولا عند الله تعالى؟ فمن أكبر العوائق بالنسبة لي: رفض العائلة من الطرفين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أيها الشاب المبارك، يا من تحمل اسم الفاروق عمر -رضي الله عنه وأرضاه- شكر الله لك حرصك على التماس التوجيه الشرعي في قضية تمس قلبك ومستقبلك، وبين يديك توجيهات شرعية وتربوية وعملية، عسى الله أن يشرح بها صدرك ويهديك بها إلى أقوم طريق.

- الحل الأكمل والأحلى:
لا شك أن الزواج هو الوسيلة الوحيدة التي يرضاها الله تعالى في العلاقة بين الشاب والفتاة، وهي المصاحبة الوحيدة بين الجنسين التي تقرها شريعتنا الحكيمة، وهو مقصد من المقاصد الشرعية التي أمر الله تعالى بها المجتمع المسلم {وأنكحوا ٱلۡأیـٰمىٰ منكمۡ}، بخلاف ما عليه الثقافات الأخرى التي تعرض الشباب من الجنسين لأسباب الارتباط القلبي والتعلق، وتعسر عليهم وتنفرهم من الارتباط الصحيح، فيقعون إما في ما حرم الله من الفواحش المهلكة للدين والعرض والأخلاق، أو يعيشون في حالة من العذاب والألم وتشتت التركيز عما ينفعهم.

- حسن تصور التحديات:
دعنا نكون أكثر واقعية في تناول سؤالك ما دمت باحثا عن توجيه الشرع الحكيم الذي فيه السعادة وراحة البال والحياة الطيبة في الدنيا والآخرة.

فما ذكرته من كونك شابا في بداية العشرين من عمرك ولا زلت تدرس، مع وجود عائق عدم موافقة العائلتين، فضلا عن تحديات وتعقيدات ثقافية واقتصادية لم تصرح بها لكنها لا تكاد تخلو منها مجتمعات المسلمين المعاصرة؛ كل ذلك يشير إلى صعوبة الوصول إلى الزواج -على الأقل في الوقت الراهن-؛ لأن التعامل مع هذه العوائق مجتمعة أمر صعب ويحتاج إلى وعي ووقت، ولا تناسبه الحلول الناقصة أو الجزئية.

- التعامل الواقعي مع التعلق العاطفي:
فطر الله تعالى الذكر والأنثى على ميل كل منهما للآخر لتستقيم سنة الحياة بالزواج وتكوين الأسرة، ونظرا لشدة تأثير هذا الميل على القلب وضعت الشريعة كثيرا من الضوابط للعلاقة بينهما إذا لم يكونوا من المحارم (كالأخت والخالة وابنة الأخ)، وننصحك بالاطلاع على تفاصيل ذلك في قسم الفتاوى في هذا الموقع.

- مسارات التعامل الحكيم:
الزواج مرحلة فارقة في حياة الشاب، يحتاج إلى مجموعة من التغيرات والإجراءات والخطوات الحكيمة التي لا بد منها للوصول إلى أفضل النتائج. ويمكن تقسيم هذه الخطوات إلى ثلاثة مسارات متوازية:

1. التعامل الحكيم مع التعلق العاطفي الحالي:
• صدق النية والعزيمة في التوبة إلى الله من كل سبب محرم أدى إلى هذا التعلق، كالمجالس الخاصة والكلام والنظر والمراسلات، فإن كنت لم تقع في شيء من ذلك فاحمد الله على العافية.

• إقناع النفس بصعوبة الوصول إلى حل شرعي في الوقت الحالي، ثم اتخاذ التدابير العلاجية للتخفيف من التعلق القلبي، فمعالجة هذا التعلق قد يكون مؤلما، لكنه أهون من تبعات الاسترسال فيه.

• ملء القلب بمحبة الله تعالى والتقرب إليه، والانشغال بذكره وتدبر كتابه.
• شغل النفس بما ينفع من أمور الدين والدنيا، وعدم ترك وقت للفراغ الذهني.

• الحزم في قطع العلاقة مع الفتاة، خاصة إن كان التواصل مخالفا للشرع، فإن في ذلك راحة لكليكما على المدى البعيد.

• الحذر من تعليقها بك وانتظارها لك؛ لأن ذلك قد يفسد عليها فرصا أخرى للزواج، وقد تتغير أنت كذلك مع الزمن، فظلم النفس والغير في هذا الباب أمر متكرر.

2. التقيد الشرعي في التعامل مع هذه الفتاة وسائر الفتيات:
• الابتعاد عن كل ما يذكرك بهذه العلاقة من صور أو رسائل أو تواصل.
• الحذر من الوقوع في علاقات مشابهة بحجة العاطفة أو النية الحسنة، مع سؤال الله العون على التزام الطريق المستقيم.

3. البناء الشرعي والمادي والنفسي للتبكير بالزواج:
• الاستقامة على أمر الله والسعي للارتباط بصحبة صالحة وتعلم أحكام دينك.
• الاستعداد النفسي لتحمل المسؤولية الزوجية، بالتدرب على المهام الأسرية والاجتماعية.
• تقوية العلاقة بالوالدين، وكسب رضاهما، والتدرج في طرح موضوع الزواج عليهما بحكمة ورفق، مع السعي لتحقيق ما يستطيع الإنسان من استعدادات.

ختاما: هذه جملة من الوصايا التي نرجو أن تجد منك عناية وتأملا، وقبل ذلك كله: أكثر من الدعاء أن يعينك الله على أن تكون كما يحب ويرضى، وأن يهبك زوجة صالحة تقر بها عينك، ويصلح بها دينك ودنياك.



مواد ذات صلة

الاستشارات