السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة أبلغ من العمر 18 عاما، وأعاني من مشكلة نفسية تؤثر علي كثيرا.
حين أحب شخصا (صديقتي مثلا)، أشعر بتوتر شديد عندما أكون بقربها، فلا أحسن الحديث معها كما أفعل مع غيرها، ولا أجيد التصرف على طبيعتي، كأن شيئا ما يشدني من الداخل، يقيدني، ويمنعني من التعبير عما أود قوله، رغم محاولاتها تشجيعي على الكلام والمشاركة (وإقناعي بأني لا يجب أن أتوتر، وأنها فتاة عادية، فلم القلق؟).
أرغب في أن أبتسم، أن أتكلم أكثر، أن أقترب، لكنني لا أستطيع، أراقب صوتي وكلماتي، حتى جلوسي، وأبتعد دون أن أقصد مسافة ملحوظة.
لا أجيد لمس يدها أو احتضانها رغم اشتياقي لذلك (بينما أستطيع فعل ذلك مع زميلات أخريات). هذا التصرف يحزنها؛ لأنها تشعر أنني أعاملها هي فقط بتلك الطريقة دون غيرها، وتظن أنني أمل منها أو لا أحبها، أو أنني أنفر منها لسبب ما.
هذه الحالة لا تحدث مع الجميع، بل فقط مع من أحبها جدا؛ لذلك أظن أنها ليست رهابا اجتماعيا فحسب؛ لأنها لا تظهر مع كل الناس ولا مع ذوي المناصب والسلطات، بل حتى مع صديقتي المقربة!
حاولت كثيرا أن أتجاوز هذا الانكماش، أن أبدو طبيعية، لكنني أفشل، وأشعر بضيق شديد وصعوبة في التحمل، حتى إنني أحيانا عندما أجبر نفسي على التعامل معها بطبيعتي، سرعان ما أتراجع وأتوتر، وقد تؤلمني بطني من شدة الارتباك. وعندما تقترب مني مسافة، أبتعد فورا بشكل غير إرادي.
هذا الأمر يحزنني؛ لأنني أعلم أنه قد يؤدي إلى خسارتي إياها بسبب تصرفاتي، كما حدث معي سابقا مع صديقات أخريات.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حنين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك بنيتي عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال.
واضح بنيتي أنك تعانين من هذا الأمر، أن الشخص الذي تحبينه وتعزينه في نفسك تشعرين بحرج من فعل الأمور التي ذكرتها من الاقتراب واللمس، والحديث الهادئ، والتعبير عن نفسك كما تحبين وتريدين، كل هذه الأمور والتي -كما ذكرت- تستطيعين القيام بها مع الآخرين، إلا أنك تجدين هذه الصعوبة فقط مع من تحبين وله قيمة عاطفية في نفسك.
بنيتي، أنت محقة أن هذا ليس مجرد رهاب اجتماعي فحسب، هو نوع من الرهاب الاجتماعي، ولكن يضاف إليه أن الأشخاص القريبين من قلبك، والذين ترتبطين بهم عاطفيا، تجدين معهم مثل هذه الصعوبات والتحديات.
صحيح أنه لا يبدو من الخارج أنه رهاب اجتماعي، إلا أنه نوع منه -كما ذكرت- أنه يضاف إليه البعد العاطفي، فمن نحب ونقدر في حياتنا، ولمبالغتنا في حبه وتقديره، قد نتصرف بالطريقة المعاكسة لما حقيقة نريده ونكنه في أنفسنا.
علاج هذا الأمر بنيتي هو كعلاج الرهاب الاجتماعي العادي أو الارتباك الاجتماعي، وهو عن طريق المواجهة، لا عن طريق التجنب.
فإذا الشابة أو الفتاة التي تحبينها كأختك أو صديقتك أو غيرها، حاولي ألا تتجنبي الاقتراب منها، أو الحديث معها بالشكل الطبيعي، معبرة عما في نفسك، ومع الوقت ستجدين أن تصرفاتك مع هذا الشخص القريب منك هي كالتي تتصرفين بها مع الآخرين، دون تمييز.
ولكن هنا أود أن أنبهك ألا نتجاوز في علاقاتنا بالآخرين، مهما كان الحدود الطبيعية والتي لا تخفى عليك.
أدعو الله تعالى أن يشرح صدرك، وييسر أمرك، ويعينك في دراستك لتنهي الثانوية، وتتابعين دراستك الجامعية بكل راحة واطمئنان.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.