السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كنت مخطوبة، وانفصلت عن خطيبي بسبب رغبته في عدم إكمال الزواج، علما أننا كنا معا لمدة ثلاث سنوات، وبدأنا شراء الأثاث، وساعدنا بعضنا البعض، ولم يتبق على موعد الزواج سوى أشهر قليلة، لدي مشاعر كثيرة تجاهه في داخلي، لكن في لحظات الغضب والانفعال كنت أراسله وقلبي يغلي، ودموعي تنهمر، وكنت أكرر دائما عبارة "الانفصال"، و"كل شخص يذهب لحاله"، رغم أنني لم أقصد معناها الحرفي، بل أردت فقط أن يدرك أنني أعاني من مشكلة ما، وأن يتفهم غضبي.
والدي لم يكن يريد إكمال جهاز الزواج، ولا المشاركة فيه، بسبب مرضه، -شفاه الله- فقلت لخطيبي: إنني سأبحث عن فرصة عمل حتى لا يقلق، وجئت إليه منهارة، ولم أذكر له ما حدث في المنزل، بل كنت عصبية وغاضبة، وكنت أفرغ عصبيتي عليه، هو شخص انطوائي، محترم، ويحمل مشاعر كثيرة تجاهي، لكنه كان صامتا بسبب مشكلة في عمله، لم أكن أعلم بها، واعتقدت أنه يتجاهلني، أدركت أنني أخطأت في حقه، واعتذرت له كثيرا، لكنه لم يقبل اعتذاري، وتركني، أعلم أنني خسرته، وخسرت شيئا ثمينا لا مثيل له، أسأل الله أن يبارك له ويرزقه الخير.
ماذا أفعل لأكفر عن أخطائي وأعيده إلي؟ أو ماذا أفعل لأتجاوز ما حدث؟ أشعر أن حياتي توقفت فجأة، وأنني في حالة صدمة، وأن الحزن خيم على البيت، ماذا أفعل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
هداك الله تعالى إلى ما يصلحك في الدنيا والآخرة، أفهم مشاعرك جيدا، فالخلافات قد تحدث في العلاقات، وخاصة في فترة الخطبة التي تكون مرحلة للتعرف والتأقلم، ومع ذلك، عندما تصل الأمور إلى الفراق وفسخ الخطبة، فالتصرف بحكمة وتعقل يكون ضروريا.
أولا: قيمي الموقف بصدق، وقفي مع نفسك وقفة محاسبة، واعلمي أن الغضب والتلويح بالانفصال كل مرة أمر ثقيل على نفس المرء وعلى كرامته، خاصة وأنت ذكرت بأن خطيبك إنسان انطوائي، والانطوائيون غالبا لديهم حساسية تجاه كل كلمة تشعرهم بأنهم غير مرغوب فيهم.
ثانيا: أنت تريدين العودة إليه، فهل هناك فرصة حقيقية للعودة؟ إذا كانت هناك فرصة للعودة، تواصلي معه بطريقة محترمة وهادئة، كأن ترسلي له رسالة صوتية أو مكتوبة، عن طريق وسيط عاقل، مثل أحد من أهله، أو أهلك ممن يحسن الكلام، وعبري عن أسفك الحقيقي، دون تبرير زائد أو لوم، أظهري له أنك تدركين حجم ما جرى، وأنك نادمة على الطريقة التي تصرفت بها، اسأليه إن كان مستعدا لفتح صفحة جديدة، ولو بالحديث فقط.
ثالثا: اعلمي أن الخطبة وعد بالزواج، وأن هذا الرجل ليس زوجك، من أجل ذلك اجتنبي الضغط أو الإلحاح، وإن رفض الحديث، أو أغلق الباب تماما، فاحترمي رغبته، وصوني كرامتك، وابتعدي فورا، واعلمي أن الأقدار قد تخبئ لك ما هو أصلح منه، وأن الخير يأتي به الله.
رابعا: اعملي على تطوير ذاتك، وضبط انفعالاتك، فربما يكون ما حدث درسا من أقدار الله، ليكشف لك شيئا عن نفسك، تحتاجين لإصلاحه قبل أن تدخلي بيت الزوجية، واعلمي أن الغضب من الصفات المذمومة، التي تجر على صاحبها عواقب وخيمة، ونتائج مؤلمة، لذا أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بذلك الرجل حين سأله النصيحة بقوله: لا تغضب، وكررها له مرارا، إشارة إلى خطورة هذا الخلق وسوء عاقبته.
تعلمي ألا تسارعي بالرد على كل تصرف يوجه إليك، بل امنحي نفسك لحظات للتفكير قبل النطق، فإن ضبط النفس يمنحك فرصة انتقاء كلماتك بعناية، ويعصمك من ألم الاعتذار ومرارة الشعور بالندم.
رزقك الله تعالى بالزوج الذي تنصلح به دنياك، ويكون لك عونا على عبادة الله تعالى وطاعة.