السؤال
السلام عليكم.
أنا شاب أعزب، على علاقة بفتاة أحبها، وهي تحبني، ولكن والدي رفض أن أكلمها، بسبب أن عائلتها ذات سمعة غير طيبة، لكنني أعلم أنها لا تختلط بعائلتها، ووالداها طيبان، وهي فتاة خلوقة وطيبة، ذات سمعة وأخلاق عالية.
أنا أريد أن أتوقف عن الكلام معها الآن، لكني أريدها زوجة لي في المستقبل، ولا أرغب في غيرها، ورغم رفض والدي، أرغب أن تكون زوجتي وحلالي وشريكة حياتي، فماذا أفعل في هذه الحالة؟
علما أنني لم أنته بعد من المرحلة الثانوية، وأعلم أن أمامي مستقبلا وحياة، لكنني أرغب في أن أحجز هذه الفتاة باسمي، كي أضمن أنها لن تكون لغيري
فماذا أفعل، وأنا في هذه الحالة من التشتت وعدم الرضا عن قرار أهلي؟!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في إسلام ويب، ونسأل الله أن يرزقك الرضا بحكمه، واليقين بوعده، والتوفيق لما فيه صلاح دينك ودنياك، وبعد:
اعلم أن ما تمر به من حيرة وتعلق هو أمر فطري، لكن له طريق صحيح آخر، طريق له ضوابطه وشروطه وأدبياته، ولا ينال بالتعلق وحده، لذا نريدك أن تقرأ ما يلي بهدوء:
أولا: اطمئن فأقدار الله ماضية، وما كتبه لك لن يخطئك: من قدرها الله لك زوجة، فستكون، ولو اجتمعت الدنيا كلها على غير ذلك، ولن تأخذ نفس ما لم يكتب لها، ولن يفوت عبد رزقه إن صدق مع ربه، قال ﷺ: "كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة".
فإياك أن تحمل هم المستقبل بيدك، واجعل جهدك في التهيؤ لا في التعلق، وفي الاستعداد لا في الحزن، واعلم أن التفكير فيما لا تستطيع أخذه تلف في العقل، ومقعد عن العمل، والعرب تقول: "ثبت العرش ثم انقش"، أي أوجد أولا الاستطاعة المادية، ثم ابحث عن الزوجة الصالحة.
ثانيا: العلاقة خارج الإطار الشرعي لا تجوز، ولو كانت نيتك صالحة، نعم، فالعلاقة بين شاب وفتاة -ولو كانت كما ذكرت في حدود الأدب والنية الطيبة- لا تجوز قبل الرباط الشرعي، فالحب لا يشرع التواصل، والنية لا تحل ما حرمه الله، ولهذا فإن الواجب عليك اليوم أن تقطع هذه العلاقة خوفا من الله أولا، ثم صيانة لك ولهذه الفتاة ثانيا.
ثالثا: أمامك مسؤوليات تثبت بها رجولتك واستعدادك:
- أكمل دراستك بتفوق، فهي أول مفتاح لرضا والديك وثقتهما.
- ضع خطة للسنوات القادمة، مثل: التعليم، العمل، بناء الذات، اكتساب مهارات الحياة الزوجية.
فإذا بلغت ذلك، ستكون كلمتك مسموعة، وخطبتك مقبولة، وطلبك محترما.
رابعا: لا تحاول أن تربطها أو تحجزها، بل اربط قلبك بالله وحده، فما قدره الله لك لن يذهب، فلا حاجة للمراوغة، أو الضغط أو الإبقاء على العلاقة بدافع الغيرة، أو الخوف من الفقد.
الرباط غير المشروع ظاهره محبة، وباطنه استنزاف للمشاعر، وكدر في السر، وغضب من الرب، فاتركها لله، وسيعيدها الله إليك إن كانت لك، أو يصرفها عنك بحكمة لا تراها الآن.
خامسا: تذكر أن الإنسان في مثل عمرك يمر بأطوار متقلبة، فلا تتعجل القرار، فمن خصائص مرحلة العشرين أن القلب فيها في طور التشكل، والعاطفة فيها أقوى من التقدير، والميل يتبدل، فقد تحب غدا ما كنت تكره بالأمس، وترفض بعد نضجك ما كنت تراه اليوم حلما لا يعوض، والعاقل لا يختار شريكة عمره في لحظة انفعال، بل بعد نضج العقل، ووضوح القدرة، واكتمال الرجولة، وهذا لا ينقص من صدق مشاعرك الآن، لكنه يعطيك حكمة في إدارتها.
سادسا: إقناع والديك له وقته وأدواته، والآن ليس وقت الجدال؛ لأنك لم تثبت جاهزيتك بعد، ولكن بعد أن تبني نفسك وتثبت التزامك، ارجع إليهما بهدوء، واشرح وجهة نظرك، واستعن بمن له كلمة لديهما، ولا تجعل رفضهما الآن نهاية المطاف، ولا تصادما دائما، بل اجعل الزمن حليفك.
سابعا: أشغل قلبك ووقتك بما يزكيك ويرفعك، واظب على الذكر، وخصص وردا من القرآن، وادع الله في كل سجود أن يصرف عنك ما فيه شر، ويختار لك الخير، وتعلم ما ينفعك، وادفع بنفسك إلى الأمام، ولا تجعل العاطفة تثبط عزيمتك أو تشغلك عن ذاتك.
نسأل الله أن يرزقك من يعينك على طاعته، وأن يجمع بينك وبين من تحب بالحلال إن كانت خيرا لك، والله الموفق.