السؤال
السلام عليكم
تخرجت من المدرسة بمعدل عال، وقد تعبت نفسيا وجسديا للحصول عليه، من سهر وتعب ودراسة طوال اليوم، وبعد التخرج، قدمت على منح دراسية في أكثر من جهة، لكن لم يتم قبولي في السنة الأولى، علما بأنه تم قبول أشخاص أقل من نسبتي.
وفي السنة الحالية، وهي السنة الثانية، قدمت على وزارة الأوقاف وعدة جهات أخرى تقدم منحا دراسية، وكنت صاحب أعلى نسبة في التقديم لدى وزارة الأوقاف، لكن تم اختيار شخص أقل من نسبتي في التخصص الذي كنت أحلم به؛ فقط لأنه من الأقليات المسلمة، فهل هذا يسمح به، ويتم تجاهل تعبي ونسبتي؟ أنا والشخص الآخر درسنا نفس المنهج، وتحت نفس الظروف، وأنا الذي حصلت على معدل أعلى.
أشعر بالانكسار، والإحباط، والضياع، والظلم، وأخاف أنني لا أتقبل الواقع، وأخشى أن يكون هذا من الاعتراض على قدر الله، فكيف أتعامل مع الموضوع؟ علما أن هذا الموقف حصل معي في السنة الماضية، وكان لدي أمل بالله أن يقبل طلبي هذه السنة، لكن تكرر نفس الشيء، فكيف أتقبل الموضوع؟ وكيف أتخطاه؟ لأنني لا أستطيع حاليا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ساهر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أخانا السائل: بارك الله فيك، وتقبل سعيك، وأثابك على محاولاتك في طلب العلم. شعورك بالظلم مفهوم ومشروع، خاصة عندما تكون قد اجتهدت وسعيت، ثم رأيت القبول يمنح لغيرك ممن قد ترى أنك أحق منهم، وهذه مشاعر لا تنكر، ولكن تحتاج إلى توجيه حتى لا تتحول إلى حزن دائم، أو يأس من السعي.
أولا: عليك تكرار المحاولات في طلب المنحة الدراسية ما دامت شروطها تنطبق عليك من ناحية المجموع، والسن، واللياقة وهكذا، ولا تيأس من هذا الأمر؛ فربما وقتها الذي قدره الله تعالى عليك لم يأت، فاصبر وأجمل في الطلب، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير. احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز.
ثانيا: لا تفكر بعقلية إما الحصول على المنحة الدراسية، أو الانكسار والإحباط، ابحث عن تعلم ما هو متاح لك من تخصصات داخل البلاد، فربما منع الله تعالى عنك القبول في هذه المنحة لشر أنت لا تعلمه، أو لخير قدره عليك وأنت لا تعيه، يقول تعالى: ﴿وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون﴾ [البقرة: 216]، فلا تنظر إلى الأمور بنظرة ضيقة، وثق بأن الله تعالى لا يقدر إلا الخير لعباده.
ثالثا: اعلم أن الله تعالى يجزيك على سعيك حتى وإن لم يقدر لك تحقق النتائج، يقول تعالى: ﴿وأن ليس للإنسان إلا ما سعىٰ﴾ [النجم: 39]، وأن رضاك بأقدار الله تعالى لا يزيدك إلا قوة، وسيغلق على نفسك باب التسخط على ما فاتك من شيء تظنه أنت خيرا، واعلم إن كنت صادق النية، مجتهد السعي، محتسبا الأجر؛ فالله تعالى يراك ويجزيك، ولو لم يقدر لك القبول في هذه المنحة، فسيمنحك من فضله ما ينسيك ما فاتك.
وفقك الله تعالى في الدنيا والآخرة، وكتب لك ما يسعدك ويزيل الهم عنك.