السؤال
السلام عليكم
لدي زميل عمل سابق، لا أريد أن يعلم عني شيئا، جاء إلى منزلي دون إذني، وعلمه بعدم وجودي في المنزل، وقال كذبا بأن لديه عملا يريد أن يعطيني إياه، ولكن بغرض معرفة مقر عملي الجديد، وحين علمي بذلك تحدثت معه بأسلوب التشاجر، وقلت له لا تأت لمنزلي مرة أخرى.
هل أنا مخطئ في قولي؟ وما الحكم في ذلك؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ كريم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أخانا الفاضل- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.
بداية: فمن المقرر في الشريعة أن البيوت لها حرمتها، ولا يجوز لأحد دخولها أو الاقتراب منها دون إذن، قال تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتىٰ تستأنسوا وتسلموا علىٰ أهلها﴾، ومن آداب الإسلام الرفيعة في ذلك ما جاء في الحديث الصحيح "الاستئذان ثلاث، فإن أذن لك، وإلا فارجع".
ومن هذا يتبين أن من يأتي دون إذن، وبدافع غير صادق، ليتحايل في الاطلاع على ما يراد إخفاؤه لا شك أنه واقع في خطأ وأثم.
ومن جهة الأدب والخلق، فإن الدخول على الناس في غيابهم دون إذن يعد تعديا، ودليلا على سوء الأدب، وكان الأولى بهذا الأخ، إن كان لديه عمل، أو غرض شريف، أن يسلك الوسائل المتاحة للتواصل والاستئذان.
أخانا الكريم: إن كنت قد واجهته بوضوح، وقلت له: "لا تأت إلى منزلي مرة أخرى"، فهذا من حقك، ولا يعد إساءة في ذاته، بل هو حقك في الدفاع عن حرمة منزلك، وإن كان في نبرة كلامك شيء من الانفعال، فهو أمر مفهوم وغضب مبرر، إلا إننا نوصي دائما بالحزم المتزن، دون انفعال أو غضب.
وفي الختام: لا شك أن لكل إنسان خصوصيته، وقد نهى الشرع عن التجسس وتتبع عورات الناس، كما قال تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا...﴾، وفي الحديث (إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا، ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا).
وعليه، فإننا ننصحك بأن تبين لهذا الأخ - إن أمكن - حدود الشرع، وأن للبيوت حرمة لا يجوز انتهاكها، وأن يتق الله في تصرفاته.
كما نوصيك برقية نفسك وأهلك ومنزلك، فإن العين حق، وفي الوقت ذاته، ننصحك بتجنب الخصومة والقطيعة، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام).
وحتى وإن كان هذا الشخص قد أساء إليك، فله حق الأخوة الإسلامية، ولا يرد الخطأ بالخطأ، بل يقابل بالحكمة والرفق، حفاظا على قلبك من الغل والحقد والضغينة، فلربما كان فعله تصرفا عفويا لا يقصد به أذى، وقد يكون ظنك فيه مبنيا على شبهة لا يقين.
اجتهد ما استطعت في تنقية قلبك، وأكثر من الدعاء، واللجوء إلى الله أن يحفظك ويحفظ أهلك ومالك من كل سوء.
نسأل الله أن ييسر أمرك.