السؤال
مرضت أمي بمرض غريب، من أعراضه: أنها لا تنام مطلقا في الليل، وتنام ساعة فقط في النهار، وأصبحت تنسى كثيرا، وتحب الجلوس فقط في المرحاض، أو تظل تذهب وتعود دون توقف، ولا تتوقف عن الكلام طوال الليل.
أصبحت تتصرف وكأنها إنسان آخر؛ لا تحب الجلوس في البيت، وتخاف من البقاء وحدها، خاصة في بيتنا، وتصرخ كثيرا.
أخذتها إلى طبيب نفسي، فقال إنها مصابة بالزهايمر في مرحلة متقدمة، ووصف لها أدوية، ولكن الأمر ازداد سوءا.
قبل المرض، كانت معروفة بالحكمة، والتدين، والحلم، بعد المرض انقلب كل شيء؛ أصبحت كثيرا ما تنطق بكلام فاحش، وتنزع ملابسها أمامنا، وتردد أسماء غريبة باستمرار.
عرضتها على مراقبة طبية، ولم يتحسن الوضع أبدا، لم تعد تحب سماع القرآن، وتخطئ في صلاتها وكأنها لم تصل يوما، وفي الليل، تتكلم دون توقف طوال الوقت.
تعبت حبيبتي كثيرا، وأنا كذلك، أحيانا تناديني، فأصمت، وأقول: إذا لم أجبها ربما تنام، لكنني أخاف أن يلحقني ما لحق بجريج الزاهد.
أرجو منكم توجيهي إلى الحلول اللازمة، أو ماذا أفعل؟ لأنني أشعر أن أمي سينتهي بها الأمر إلى الجنون إذا بقيت على هذا الحال.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Sabrinalle حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لوالدتك العافية والشفاء.
أيتها الفاضلة: طبعا هذا تغير كامل في سلوك ومسلك الوالدة، وهو بالفعل يدل على وجود مرض الخرف، وقد يكون سببه الزهايمر، أو قد تكون أسبابه جلطات وعائية صغيرة في الدماغ.
الذهاب بالوالدة للطبيب النفسي هو القرار السليم، ويا حبذا لو كان الطبيب النفسي مختصا في الطب النفسي لكبار السن؛ لأن هذا التخصص الدقيق من خلاله يستطيع الأطباء التعامل مع هذه الحالات، وإن كان مرض الخرف ومرض الزهايمر معروفا لجميع الأطباء النفسيين.
أنا أؤكد لك أنه توجد أدوية فعالة جدا لتحسين نوم الوالدة، ولتكون أكثر هدوءا.
طبعا بالنسبة لاضطرابات المسلك واضطرابات السلوك، وما تقوله من كلام غير مقبول، إن شاء الله ليس عليها حرج؛ لأنها مريضة، وبعد أن يتأكد الطبيب من التشخيص ويكتب لك الأدوية اللازمة، هنالك أدوية لتحسين النوم، وهنالك أدوية لتحسين المسلك العام.
الذاكرة من الصعوبة أن يتم إرجاعها إلا في حالات نادرة جدا، فأنت الآن أمامك فرصة عظيمة جدا لتقدمي أقصى درجات الخدمة لوالدتك، نعم، هذا باب من أبواب الرحمة فتح لك، فأرجو أن تجتهدي، وأنا أطمئنك تماما أن التقدم الطبي يساعد كثيرا الآن في التحكم في مثل هذه الحالات.
هنالك أدوية فعالة، وهنالك نظم ممتازة جدا، وهذه النظم من خلالها نستطيع أن نساعد الأهل في كيفية ترتيب الوقت وإدارة الوقت؛ لأن شخصا واحدا لا يستطيع قطعا أن يمرض مثل هذه الحالات، والإنسان من حقه طبعا أن يأخذ القسط الكافي من الراحة.
فأنت حقيقة محتاجة أن تتكلمي مع أعضاء أسرتك، وتخصصوا أوقاتا معينة تتبادلونها فيما بينكم لرعاية الوالدة والعناية بها، وهنالك أشياء مهمة جدا جدا، وهي التأكد من أن الوالدة لا تعاني من إمساك، وكذلك إجراء الفحوصات الطبية العامة، والتأكد من مستوى الدم، وكذلك الأملاح، مثل ملح الصوديوم، وملح البوتاسيوم، وملح الماغنيسيوم، ووظائف الغدة الدرقية، ووظائف الكلى، ووظائف الكبد، ومستوى الدهون، ومستوى فيتامين د، وفيتامين ب 12).
هذه الفحوصات ضرورية جدا؛ لأنه في بعض حالات الخرف قد يكون هناك ضعف في مستوى فيتامين ب 12، وحين يتم إعطاء العلاج التعويضي يتحسن المريض كثيرا.
هذه التوجيهات التي أود أن أقولها لك، وطبعا مرض الوالدة هذا لا بد أن يكون قد بدأ منذ فترة، فالحالات التي نشاهد فيها التدهور المريع في الذاكرة، وتغير السلوك بالكيفية التي ذكرتها، هذه حالات نادرة، لكن ربما تكون مؤشرات المرض قد بدأت قبل ذلك، ومن الممكن أنكم لم تلاحظوا بعض التغيرات البسيطة التي حصلت للوالدة إلى أن ظهر المرض في المرحلة المتقدمة هذه.
فأرجو أن تتواصلي مع الطبيب، كما ذكرت لك، الطبيب المختص في الطب النفسي لكبار السن، هو أكثر الأطباء الذين يقدمون مساعدة لمثل هذه الحالات.
بقي أن ننصحك بالدعاء لها، وقراءة أذكار الصباح والمساء عليها بصوت هادئ وخفيف عليها.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.