معجب بإحدى بنات معلمي .. فما نصيحتكم؟

0 1

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كنت في المدرسة، وكان هناك حفل بحضور الأستاذ، وبعد انتهاء الحفل أخذني إلى الصف على انفراد، وقال لي: إذا وصل الأمر إلى أن يختار وليا فإنه سيختارني أنا (وأظن أنه قصد وليا على البلاد، أو على إحدى بناته)، وأضاف أنه إذا وجدت في بعض الصفات التي ذكرها فسوف يختارني بلا تردد، وأكد لي أنه إن بقيت على هذا الطريق فسوف يزوجني إحدى بناته، ويساعدني في أمر الزواج، (وقد كانت إحدى بناته، التي كنت معجبا بها، في صفي في المرحلة الثانوية).

بعد ذلك خرجت من الصف، ثم عدت فلاحظتها جالسة على طرف، ولم أنظر إليها من شدة الحياء أو الحماسة، لست أدري! ثم ذهبت وجلست في مقعدي، وبعد قليل جاءت صديقة من الثانوية وجلست إلى جانبي، فاستغربت من ذلك، لكن الحماسة غلبتني؛ إذ وجدت من أخبره بما حدث، فقلت لها: إنني أود أن أحدثها عن موضوع مهم بعد الحصة أو نحو ذلك.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله تعالى أن يشرح صدرك، ويهدي قلبك، ويرزقك البصيرة لما فيه صلاح دينك ودنياك، وأن يعينك على اجتناب الفتن ما ظهر منها وما بطن.

بداية يا أخي الكريم: نوصيك بتقوى الله -عز وجل- في السر والعلن، وأن تجعل مراقبته سبحانه نصب عينيك، فإنه من اتقى الله تعالى؛ جعل له مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب.

وأما ما ذكرته بخصوص إعجابك بابنة أستاذك وحديثك إلى زميلتك عن هذا الأمر:

فاعلم -رحمك الله- أن ما تشعر به من ميل قلبي، أو إعجاب نحو الفتيات في هذه المرحلة العمرية أمر قد يراه الناس طبيعيا ومقبولا في العرف والمجتمع، بل قد يشجع عليه في بعض البيئات المدرسية والاجتماعية، لكنه في ميزان الشرع مخالف لأوامر الله تعالى، وتوجيهات نبيه ﷺ؛ لأنه تعلق بامرأة أجنبية عنك، وهو باب من أبواب الفتنة التي أمرنا الله تعالى بسدها، وحذرنا من الاقتراب منها، فقال سبحانه: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون} [النور: 30].

كما أن النبي ﷺ أرشد الشباب إلى العلاج العملي لهذا الميل الطبيعي فقال: (يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء) [متفق عليه].

فالمطلوب منك -أخي رعاك الله- ضبط هذه المشاعر، وصيانتها عن أن تتحول إلى علاقة محرمة، أو تعلق يشغلك عن طاعة الله تعالى، وواجباتك الأساسية في هذه المرحلة.

ثم إني أنصحك ببعض الحلول العملية، لعلها تعينك على حل مشكلتك:

1. التوبة الصادقة والرجوع إلى الله تعالى: تب إلى الله تعالى من كل ميل أو إعجاب تجاوزت فيه حدود الشرع، وأكثر من الدعاء بأن يطهر الله تعالى قلبك من التعلق بما لا يرضيه، وأكثر من قول: (اللهم مصرف القلوب صرف قلبي إلى طاعتك).

2. غض البصر، وكف الجوارح: احرص على غض بصرك عن الفتيات قدر استطاعتك، سواء في المدرسة أو خارجها، فالنظرة سهم مسموم، وما تكرر على القلب؛ تعلق به، قال ﷺ: (النظرة سهم مسموم من سهام إبليس) [رواه الحاكم].

3. قطع أي وسيلة تغذي هذا التعلق: وهنا أنبهك ألا تتحدث مع زميلاتك في موضوعات شخصية، تحت أي ذريعة كانت، ولا تطلع أحدا منهن على أسرارك أو مشاعرك؛ فهذا من أعظم أبواب الشيطان لتثبيت التعلق في القلب، وباب يزينه الشيطان في قلوب العباد بحجج كثيرة، فكن متفطنا لها، واحرص على حفظ دينك، وإرضاء ربك تبارك وتعالى.

4. الانشغال بما ينفع: املأ وقتك بالعلم، والرياضة، وحفظ القرآن، وحضور الدروس النافعة؛ فإن القلب إذا لم يشغل بالطاعة؛ شغله الهوى بالباطل.

5. صحبة صالحة: بأن تلزم أصدقاء صالحين يعينونك على ذكر الله تعالى، ويذكرونك بخطورة التعلق المحرم، قال تعالى: (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه) [الكهف: 28].

6. التفكير الواقعي في المستقبل: فإن كنت ترى في هذه الفتاة أو غيرها زوجة صالحة مستقبلا؛ فالطريق الشرعي واضح، وهو أن تتقدم إلى وليها حين تكون قادرا على الزواج، أما غير ذلك فهو تضييع للعمر والعاطفة في أوهام قد تنتهي بخيبة أمل.

ختاما: يجدر التنبيه على قناعة ينبغي ترسيخها في قلبك: بأن تعلم أن الاختلاط والتعلق المحرم وإن كان يستسيغه العرف في كثير من البيئات؛ إلا أن المؤمن وقاف عند حدود الله تعالى، لا تغره عادات الناس، ولا يبررها بكونها مألوفة؛ لأن معيار الحق هو الشرع، لا العرف، وأنت إن ضبطت عاطفتك اليوم؛ حفظك الله تعالى، وأكرمك غدا بزوجة صالحة تسكن إليها بحق، كما قال تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة} [الروم: 21]، وثق أن طاعة الله تعالى لا تحرمك خيرا، بل تجلب لك الخير كله، وأن ما عند الله سبحانه لا ينال إلا بطاعته، فاصدق مع الله تعالى؛ يحفظ قلبك، وييسر لك الخير حيث كان، ويصرف عنك السوء والفحشاء.

هدى الله قلبك، وأصلح شأنك، ووفقك لما يحب ويرضى.

مواد ذات صلة

الاستشارات