السؤال
السلام عليكم.
عمري ٣١ سنة، لا أعمل، ومشتت، وأشعر بأني تائه، وأحتاج لأن أجتهد وأذاكر، ولكن أشعر بأني كبرت على ذلك، فما الحل؟
السلام عليكم.
عمري ٣١ سنة، لا أعمل، ومشتت، وأشعر بأني تائه، وأحتاج لأن أجتهد وأذاكر، ولكن أشعر بأني كبرت على ذلك، فما الحل؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على اختيار موقع إسلام ويب لطرح استشارتك، ونسأل الله أن يوفقك لما فيه الخير والصلاح.
إن ما تمر به من شعور بالتشتت والحيرة تجاه مستقبلك أمر طبيعي، يمر به كثير من الناس، وخاصة عند مواجهة قرارات مصيرية، مثل: الدراسة والعمل، ومع ذلك، فمشاعرك مفهومة، ولكن ما تصفه ليس عائقا حقيقيا، بقدر ما هو نمط تفكير يمكن تعديله، وتوجيهه بشكل أفضل.
إن بلوغك سن 31 عاما، لا يعد متأخرا لبدء الدراسة، أو بناء مسار مهني جديد، فالكثير من الأشخاص بدؤوا بعد هذا العمر، وحققوا نجاحات ملموسة، والإسلام يحث على السعي والاجتهاد، ويؤكد أن الأمل والعمل لا يرتبطان بعمر معين، بل بصدق النية، وحسن التخطيط، فالإسلام لا يربط قيمة الإنسان بعمره، بل بعمله، قال النبي ﷺ: "إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها، فليغرسها" (رواه أحمد)، أي أن العمل الصالح، والنافع مطلوب في أي وقت، ما دام في العمر بقية.
إن مشكلتك تحتاج إلى خطة عملية، بدلا من الاستغراق في القلق، وفيما يلي خطوات واضحة تساعدك على الخروج من هذا الشعور، والانطلاق نحو العمل والإنجاز:
1- تغيير طريقة التفكير:
- اعتبر أن سن 31 هو سن النضج، الذي يمنحك وعيا وتجارب، تساعدك على الاختيار بذكاء أكبر.
- لا تفترض أن الإنجاز يجب أن يكون سريعا؛ الأهم أن تبدأ بخطوة ثابتة وتستمر، فالتدرج مع الاستمرار أكثر فاعلية من التسرع.
2- تحديد الهدف الأكاديمي والمهني:
- اسأل نفسك: ما المجال المناسب لقدراتي واهتماماتي؟
- هل تحتاج إلى شهادة جامعية من البداية، أم يمكن أن تبدأ بدبلوم أو شهادة مهنية أقصر زمنا وأكثر ارتباطا بسوق العمل؟ هذه أسئلة ينبغي أن تجيب عنها بصدق، فأنت أقدر شخص على معرفة قدراتك، وإمكاناتك، واحرص أيضا على الاطلاع على احتياجات سوق العمل في بيئتك، واختر التخصص الذي يلبي هذه المتطلبات.
3- وضع خطة واقعية:
- إذا لم تكمل الثانوية أو تحتاج إلى تحسين شهادتك، فابدأ من حيث انتهيت.
- إذا كان لديك شهادة ثانوية، فاختر برنامجا أكاديميا أو مهنيا، يمكن إنجازه خلال سنتين إلى 4 سنوات.
- خصص وقتا يوميا ثابتا للتعلم، سواء من خلال القراءة، أو الدورات التدريبية المجانية، أو الكورسات المتخصصة، التي تنمي مهاراتك في المجال الذي ستختاره كبداية للانطلاق والإنجاز.
4- معالجة التشتت الذهني:
- قلل التفكير المفرط في المشكلة، وركز على الحلول، وحاول خفض القلق بشأن المستقبل بالتركيز على ما تستطيع فعله اليوم.
- قسم هدفك الكبير إلى مهام صغيرة يومية، وتذكر قول الله تعالى: "وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا" (النساء: 81).
- ضع لنفسك جدولا يوميا لإنجاز ما خططت له، مع مراجعة ما تم إنجازه، والصعوبات التي واجهتك، وكيفية التغلب عليها، فالإنجاز الصغير يولد إنجازات أكبر بمرور الوقت.
5- الارتقاء بالجانب النفسي والروحي:
- لا تدع شعور "فات الأوان" يسيطر عليك؛ فكثير من الناجحين بدؤوا بعد الثلاثين، أو حتى الأربعين.
- اجعل الصلاة والدعاء عادة يومية تمنحك الطمأنينة، وتزيد من قدرتك على الاستمرار.
- إذا شعرت أن القلق يعطل حياتك تماما، ففكر في استشارة مختص نفسي؛ لمساعدتك على تنظيم أفكارك، والتخلص من المشتتات السلبية.
- عليك بصلاة الاستخارة عند اتخاذ القرارات المصيرية، واستعن بأصحاب الخبرة، قال النبي ﷺ: "المستشار مؤتمن"، فابحث عن شخص مختص (أكاديمي أو مهني) يعطيك نصيحة واقعية عن أفضل مسار لك.
ختاما: لا تنتظر أن تشعر بالجاهزية الكاملة بنسبة 100%، بل ابدأ بخطوة ولو صغيرة، والله يبارك في السعي الصادق، قال الله تعالى: (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى * وأن سعيه سوف يرى) (النجم: 39-40).
نسأل الله أن ييسر أمرك، ويشرح صدرك، ويبلغك ما تتمنى من خير في دينك ودنياك.