السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عانيت منذ خمس سنوات من الوسواس، فأنا أتضايق من أماكن معينة في ملابسي، وبعد فترة تعافيت منه بنفسي.
تزوجت منذ شهرين تقريبا، وبعد أسبوع من الزواج عانيت من ألم شديد في المعدة، وعاد لي نفس الوسواس السابق، فقررت أن أواجه الوسواس كما فعلت سابقا، ولكني لم أستطع، وبعد شهرين فقدت شهيتي للأكل فجأة، ونقص وزني 5 كيلو، وأشعر بإرهاق، وضيقة في الصدر تعاودني ما بين فترة وأخرى، مع انعدام الشغف بالحياة، مصحوب بإرهاق، وأصبحت أستفرغ عندما أتناول أي وجبة!
ما تفسيركم لحالتي؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في إسلام ويب.
كما تعرف -أخي الكريم- الوساوس دائما تكون مصحوبة بالقلق، بل القلق هو المغذي الرئيسي للوساوس، وقد ينتج من الوساوس أيضا عسر في المزاج، بمعنى أن يكون الإنسان مشغول البال، ويكون مزاجه منخفضا، لا يحدث اكتئاب شديد، لكن شيء من عسر المزاج، وهو درجة بسيطة من الاكتئاب، وهذا هو الذي أدى إلى ضعف شهيتك للطعام، وأصبح وزنك ينقص.
هذه -إن شاء الله- كلها سوف تختفي تماما بالعلاج الدوائي، والعلاج الدوائي في مثل حالتك هذه مهم جدا؛ حيث إن الأدوية المضادة للقلق والوساوس محسنة للمزاج، ومحسنة للشهية، وتحسن كذلك الدافعية لديك.
فالتفسير واضح جدا، وأتمنى أن يكون مقبولا بالنسبة لك، وفي نفس الوقت إن استطعت أن تذهب إلى طبيب نفسي، فهذا أمر جيد جدا، وإذا لم تستطع أنا أنصحك بتناول عقار "اسيتالوبرام، Escitalopram"، هذا هو اسمه العلمي، ويسمى تجاريا "سيبرالكس، Cipralex"، وربما تجده في مصر تحت مسمى تجاري آخر.
الجرعة المطلوبة في مثل حالتك هي أن تبدأ بنصف حبة (5 ملجم) من الحبة التي تحتوي على 10 ملجم، تتناولها يوميا لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك اجعل الجرعة 10 ملجم يوميا لمدة أسبوعين، ثم اجعلها 20 ملجم يوميا لمدة شهرين، ثم خفضها إلى 10 ملجم يوميا لمدة شهرين آخرين، ثم اجعلها 5 ملجم يوميا لمدة شهر، ثم 5 ملجم يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.
دواء رائع، ممتاز، نقي، غير إدماني، فقط ربما يفتح شهيتك للطعام بصورة زائدة نسبيا، فإن حصل لك شيء من هذا، بعد أن تستعيد وزنك الصحيح، حاول أن تتحكم في كمية الطعام الذي تتناوله، وحاول أن تتجنب الحلويات والسكريات، وحاول أن تمارس الرياضة.
هنالك أثر جانبي بسيط ربما تلاحظه، وهو أن القذف المنوي سوف يتأخر مع الجماع، هذا أحد الآثار الجانبية لهذا الدواء، ولكنه طبعا لا يؤثر على الصحة الإنجابية أو الذكورية عند الرجل.
أيها الفاضل الكريم، الوساوس طبعا تتعامل معها من خلال تحقيرها كما كنت تفعل، نعم، تحقر الوسواس، لا تخض في نقاشها أبدا، واصرف انتباهك تماما عنها، ودائما حاول أن تتجنب الفراغ؛ أي نوع من الفراغ، الفراغ الزمني، الفراغ الذهني، دائما يولد هذه الوساوس.
حاول أن تنظم وقتك، وأن تتجنب السهر، كن حريصا على صلاتك، وعلى صلة رحمك، وبر والديك، ولا تتخلف عن الواجبات الاجتماعية، واحرص على واجباتك الدينية، خاصة الصلاة على وقتها، ودائما عش على الأمل والرجاء، والأهداف المستقبلية يجب أن تكون واضحة، وتضع الخطط التي توصلك إلى أهدافك بحول الله وقوته.
أيها الفاضل الكريم: سيكون أيضا من الجيد أن تجري فحوصات طبية عامة، فحوصات بسيطة جدا، تتأكد من مستوى قوة الدم لديك (أي الهيموغلوبين)، وكذلك تتأكد من مستوى خلايا الدم البيضاء، ووظائف الكبد، ووظائف الكلى، ووظائف الغدة الدرقية، ومستوى الدهنيات، وكذلك مستوى فيتامين (ب12)، وفيتامين (د)، هذه فحوصات أساسية بسيطة، وغير مكلفة، وهي ضرورية جدا ليعرف الإنسان موقف صحته الجسدية.
كل الأعراض التي تعاني منها سوف تختفي تماما، حتى الاستفراغ وغيره، فهي جزء من الحالة النفسية التي تمر بها.
بارك الله فيك، جزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.