السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تقدمت لخطبة فتاة دلني عليها خالي، وسألت عنها، ووجدتها ذات خلق ودين، وأهلها كذلك، وعندما رأيتها في الرؤية الشرعية لم يعجبني الشكل، ولكن أعجبني حياؤها وأدبها واحتشامها، وهي في مثل عمري، وكما قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (فاظفر بذات الدين تربت يداك)، لكني متخوف من الشكل وعدم إعجابي بها، ومتردد؛ لأن بها صفات حسنة؛ حيث التعليم، والتدين، والحياء، والأخلاق، والنسب، والرقي، ولكن عندما رأيتها لأول مرة في الرؤية الشرعية، لم أشعر بالإعجاب، إلا أنني بعد ذلك صليت الاستخارة، ووجدت في نفسي شيئا من التردد ممزوجا بقدر من القبول.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يقدر لك الخير، وأن يصلح الأحوال.
بداية: نشكر لك إشراك الخال في مسألة الخطبة؛ فإن الزواج التقليدي بالطريقة المذكورة هو أنجح أنواع الزواج، وأيضا سعدنا كذلك بكونها ذات خلق ودين، وكذلك أهلها من أصحاب أخلاق ودين، فهذا هو الأساس الذي دعا إليه رسولنا الأمين -صلى الله عليه وسلم- القائل: "فاظفر بذات الدين تربت يداك".
وما حصل من انزعاجك بعد الرؤية الشرعية؛ فمن حقك أن تطلب إعادة النظرة الشرعية مرة أخرى، ولكن نحب أن نبين لك أن الإمام أحمد بن حنبل لما أرسل من تخطب له من القريبات وجدت له فتاتان: الأولى: بارعة في جمالها، لكنها ضعيفة الدين، أو متوسطة فيه، والثانية: متينة في دينها، لكنها متوسطة في الجمال، فقال الإمام أحمد: "أريد صاحبة الدين"، فقدم صاحبة الدين على صاحبة الجمال، وتلك وصية رسولنا الأمين -صلى الله عليه وسلم-، وقد عاش الإمام أحمد مع زوجه ثلاثين سنة، وقال يوم وفاتها: "والله، ما اختلفنا في كلمة"، رحمة الله عليهم أجمعين.
ولكن نحن ندعوك إلى أن تعيد النظرة الشرعية مرة أخرى، وأن تستحضر هذه المعاني، وتذكر أن جمال الجسد عمره محدود، ولكن جمال الروح بلا حدود، وأنت صاحب القرار في هذه المسألة، فلك أن تنظر إليها، وتقدر ما فيها من إيجابيات، وقدم الدين استجابة لوصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
وانظر إلى الموضوع نظرة شاملة، فالحقيقة أن الجمال الحسي عمره محدود، وبعد ذلك تأتي وتعقبه التغيرات، ويبقى بعد ذلك الأخلاق الجميلة، ويظل جمال الروح، وهو الجمال الأصلي، وهو الجمال الذي يدوم.
نسأل الله أن يقدر لك الخير، ثم يرضيك به، وطبعا من حقك أن تستخير وتستشير، وتكرر النظرة الشرعية، ونسأل الله أن يشرح صدرك لما فيه الخير، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.