الشعور الضيق والخنقة بعد الخطبة: هل هو طبيعي أم وهم؟

0 0

السؤال

كنت مخطوبة سابقا لشخص، وبعد أول مقابلة شعرت بالارتياح، لكن بعد الموافقة والتعامل معه بدأت أشعر بعدم القبول، طلبت من أهلي فسخ الخطبة، لكنهم كانوا يرفضون، إلى أن حصل موقف جعلهم يرون أنه غير مناسب لي.

الآن، وبعد مرور عدة سنوات، تقدم لي شخص على دين وخلق، وظروفه جيدة، وهناك توافق بيننا، باستثناء بعض الاختلافات مثل أن وظيفتي أعلى منه قليلا، لكنني لا أرى أن ذلك يشكل مشكلة.

شعرت بالارتياح خلال المرتين اللتين جلست معه فيهما، وكانت هناك مشكلة في السكن، إذ كان من المفترض أن نسكن في بيت عائلة، لكنه وافق على السكن في شقة أخرى يملكها، وبعد أن علمت بموافقته على السكن في مكان مستقل، وأن الموضوع قد يتم، شعرت بانقباض في قلبي، وضيق في التنفس، وخوف شديد، وبدأت أبكي.

صليت واستغفرت ونمت، لكنني استيقظت بنفس الشعور، وكأن هناك حجرا على صدري، وخنقة مستمرة، هذا هو نفس الشعور الذي راودني مع الشخص الأول، عندما كنت أطلب فسخ الخطبة.

مع العلم أنني أرغب في الزواج وتكوين أسرة، إلا إن هذا الشعور يسبب لي ألما وخوفا، ويجعلني أشعر أنني بحاجة للهروب وعدم إكمال الموضوع، فهل هذا الشعور إشارة إلى أن هذا الشخص ليس خيرا لي، أم أنه مجرد خوف طبيعي؟ أنا خائفة أن أوافق على الخطبة، ثم يدفعني هذا الشعور إلى فسخها لاحقا، ماذا أفعل؟ وهل هذا الشعور طبيعي؟ علما أنني كنت سعيدة بفكرة الخطبة، إلا إنني عندما شعرت أن الأمر قد يتم، انتابني خوف شديد، وثقل وضيق في صدري.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شروق حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يتم لك الخير، وأن يكتب لك الرضا، وأن يوفقك لما يحبه ويرضاه، وبعد:

فإن ما تشعرين به من ضيق في الصدر، وانقباض في النفس، وخوف مباغت عند اقتراب أمر الخطبة من التحقق، هو شعور إنساني طبيعي لا ينبغي لك أن تقلقي منه؛ لأنه من طبائع النفس البشرية حين تقبل على تحول كبير في مسار حياتها، فالزواج، بما يحمله من مسؤولية وانفصال عن بيت الأهل، والانتقال إلى بيت جديد، يحمل الغيب في تفاصيله، يمثل نقلة وجودية في حياة أي فتاة.

لذا لا غرابة أن يرافق هذه النقلة مشاعر متباينة من الفرح والتوتر، والارتياح والضيق، بل وحتى الحزن والخوف، لا سيما حين تستحضر التجارب الماضية، وتستعاد آلامها.

أختنا الكريمة: إن الفتاة حين تقدم على ترك بيت أبيها -البيت الذي نشأت فيه بين أحضان الأمان والاعتياد- إلى بيت آخر لم تألفه، ومع رجل لم تختبر بعد عمق الأمان معه، فإنها تخوض نفسيا مغامرة سببها ذلك الانتقال من المعلوم إلى المجهول، من المألوف إلى الغريب، وهذا ما يثير في النفس رعدة وجودية لا يلام فيها المرء، بل يقدر فيها الطبيعة البشرية.

كما لا ينبغي أن نغفل دور الشيطان الذي لا يريد للمؤمن الخير، ولا يرضى له طمأنينة أو نورا في طريق مستقيم، فهو كما أخبرنا الله تعالى عنه يتربص بالصالح في كل منعطف مصيري، يسعى لتكدير قلبه، وزرع الوساوس فيه، ودفعه إلى البقاء في "المنطقة الرمادية"؛ حيث لا قرار ولا راحة، ولا يقين ولا انسجام، خاصة إذا كان الإنسان مقبلا على ما يرضي الله، راغبا في بناء بيت على التقوى والمودة، ساعيا إلى العفة والاستقرار، فإن الشيطان يهيج في صدره الوساوس، ويصب عليه الخوف صبا، لعله يحيد عن الطريق، أو يتراجع عن الخير.

ومن هنا، فليس من الحكمة أن يتخذ الشعور وحده حكما قاطعا، بل ينبغي التروي، والاستخارة، والنظر بعين التمييز:
- هل هذا الضيق هو رفض داخلي حقيقي لا طمأنينة فيه؟
- هل هو خوف بشري ممزوج بوساوس تزينها النفس ويغذيها الشيطان؟

والنصيحة لك، بصدق وهدوء:

- أقبلي على صلاة الاستخارة بقلب خاشع، واستحضري معاني التوكل، وارفعي يديك إلى من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ثم توكلي على الله بالقبول بعد ما استفرغتم الوسع في السؤال عن الشاب، فإن أتم الله الزواج بعد الاستخارة، فهو الخير لا محالة، وإن حصل غير ذلك فهو الخير كذلك، فالاستخارة ميزتها أن الله يقدر لك الخير، لذا لا يشترط فيها رؤيا أو راحة نفسية كما يتوهم البعض.

- الزواج لا يبنى على التطابق، بل على التوافق، فحتما سيكون هناك اختلافات، لذا وطني نفسك على تعلم فن إدارة الخلاف.

نسأل الله أن يقضي لك الخير حيث كان، وأن يتم لك الزواج الصالح، والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات