كيف أتعامل مع من يسلم على غيري ويتجاهلني؟

0 2

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هل ينبغي لي أن أطلب من شخص أن يسلم علي إذا دخل إلى مكان كنت فيه، أو مر بجانبي ولم يسلم؟ وهل أطلب منه السلام إذا سلم على غيري وتجاهلني؟ وكيف أتصرف في مثل هذه المواقف، خصوصا أنها تشعرني بالإحراج، وكأن فيها انتقاصا من قدري؟

أحيانا أمر بشخص يجلس قرب منزله، ويبدو وكأنه يترقب مني السلام، لكنني لا أسلم، وبعد أن أتجاوزه، يفاجئني بقوله: السلام عليكم، وكأنه ينكر علي عدم المبادرة، فأرتبك وأرد عليه متأخرا: وعليكم السلام.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Gha حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أخانا الحبيب- في استشارات إسلام ويب، نشكر لك تواصلك بالموقع.

ينبغي أن تعلم أن الابتداء بالسلام سنة لا فريضة، ولكنها سنة مستحبة مؤكدة، والشرع الحنيف حث عليها أبلغ الحث؛ لما فيها من إشاعة المحبة بين المسلمين، وما تؤدي إليه من تقارب أرواحهم، وإشاعة التعارف بينهم، ولكنها لا تتعدى كونها سنة مطلوبة، ولكن لا يأثم الإنسان إذا تركها.

أما رد السلام: فرد السلام واجب؛ لأن الله تعالى أمر برد التحية في قوله سبحانه وتعالى: {وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إن الله كان علىٰ كل شيء حسيبا} [النساء: 86].

وإذا علمت هذا الحكم الشرعي عرفت أنه لا ينكر على الإنسان الذي وقع في ترك هذه السنة، ولا يلام على ذلك أو يعنف، ولكن يستحسن تذكيره بالقيام بهذه السنة، وحثه عليها؛ لينال ثوابها ويفوز بأجرها، ويكون هذا التذكير برفق ولين.
فإذا دخل عليك إنسان في مكان ولم يسلم، فلو ذكرته لكان شيئا حسنا، وليس عليك حرج في أن تذكره بذلك، ولكن ليس على سبيل التعنيف والزجر والإنكار؛ لأنه لم يفعل شيئا حراما.

أما ما تجده في نفسك من شعور بالإحراج، أو إحساس بأن في ذلك انتقاصا من قدرك، فهذا شعور مخالف للحقيقة والواقع، فإن الناس يتركون السلام ولا يقصدون بذلك انتقاصا، ولا تقليلا من شأن من لم يسلموا عليه، ولكن جرت عادة كثير من الناس على عدم التسليم إلا على من يعرفونهم، وهذا شيء غير حميد، وقد حذر منه النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأخبر أنه من علامات الساعة، فقد روى الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- في مسنده عن ابن مسعود -رضي الله تعالى- عنه قال: قال رسول الله: "إن من أشراط الساعة أن يسلم الرجل على الرجل، لا يسلم عليه إلا للمعرفة"، وفي بعض الروايات: "بين يدي الساعة تسليم الخاصة"، يعني لا يسلم الإنسان إلا على من يعرفه، ومن لا يعرفه لا يسلم عليه.

هذا إخبار نبوي بالواقع الذي يكون عليه الناس وحال الناس، وأن هذا من نقص دينهم، ونقص صلاح أحوالهم، فينبغي أن تفسر الأمر في هذا الإطار، وألا تحمله أكثر مما يحتمل، فتؤذي نفسك بهذه المشاعر المخالفة للواقع.

وأما ما ذكرته من شأن الرجل الذي مررت عليه ولم تسلم، فقد تركت أنت هذه السنة بعدم تسليمك، ولعله أراد تذكيرك بها حين بدأك بالسلام، وقد أحسنت حين سلمت ورددت عليه السلام.

فينبغي لك أن تجاهد نفسك لتذكر هذه السنن ومبادلتها للآخرين، فإنها من أسباب دخول الجنة؛ كما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم" [رواه مسلم].

نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياك لكل خير.

مواد ذات صلة

الاستشارات