السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إذا أحست الفتاة أنها غير مسؤولة وغير قادرة أن تكون أما وزوجة جيدة، فقررت الامتناع عن الزواج؛ حتى لا تسبب الأذى لأي أحد؛ لأنها تدرك أن الزواج ليس فقط فستانا وحفلا، إنما حياة ومسؤولية، هل تأخذ أجرا أم ذنبا؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سلمى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أتفهم ما تمر به الأخت السائلة من ضغوط، ربما دفتعها للسؤال عن حكم ترك الزواج والعزوف عنه، وأقول لها: بداية ترك الزواج لا إثم فيه؛ إذا كنت تأمنين على نفسك الوقوع في الحرام، -وإن كان هذا خلافا لهديه -صلى الله عليه وسلم- في دعوة أمته للزواج، وتكثير النسل، وتأثمين إذا تركت الزواج مع خشيتك الوقوع في المحرمات، وفي هذه الحالة يصبح الزواج واجبا عليك، حتى بما فيه من ضغوط ومسؤوليات، ولكن قبل اتخاذ هذا القرار، أود من السائلة أن يتسع صدرها لهذه الكلمات.
أولا: أتفق معك بأن الزواج فيه مسؤوليات كثيرة: كالاهتمام بالزوج، وتربية الأطفال وغيرها من المسؤوليات، ولكن هل هناك مشروع دنيوي مادي لا يخلو من تحمل مسؤولية إعداده، والعمل عليه ومباشرته بشكل كامل، وربما يتعرض صاحبه إلى القلق عليه أحيانا، ويتوتر من اتخاذ القرارات فيه أحيانا أخرى، وهذه هي طبيعة الحياة الدنيا مسؤوليات لا تنتهي، والسير بين إخفاق ونجاح، والزواج جزء من هذه الدنيا، وطريق ممهد للفوز بها وبالآخرة.
ثانيا: الزواج سنة الله تعالى في خلقه لا يمكن أن تسعد المرأة في حياتها بدون رجل صالح، يفهمها، تسكن إليه نفسها، وتسكن إليها نفسه، قال تعالى: ﴿ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة﴾ [الروم: 21] وهذه المودة أعمق من حب عابر، أو علاقة محرمة قد يظن منها إشباع هذا الجانب العاطفي الذي خلقه الله تعالى في المرأة، وشرع لها الزواج من أجل إشباعه.
ثالثا: اعلمي أن أجر المرأة المسلمة المتزوجة عظيم إذا التزمت بما أمرها الله تعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، وصبرت واحتسبت في حياتها الزوجية؛ لأن الزواج عبادة إذا نوي به وجه الله تعالى، يقول -صلى الله عليه وسلم-: إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت رواه أحمد. والمرأة التي تصبر على مسؤوليات الزواج محتسبة الأجر؛ لها عند الله تعالى الخير الكثير، فلا تفوتي هذا الخير على نفسك.
من أجل ذلك اطردي فكرة العزوف عن الزواج؛ بحجة أنك غير قادرة على حمل المسؤولية، وأهلي نفسك على حملها، ولا تترددي في أخذ خطوة الزواج؛ إذا جاءك الرجل الصالح صاحب الدين والخلق، واسألي الله تعالى العون على بناء أسرة مستقرة هادئة، واعلمي أن المناصب الدنيوية زائلة، والأب والأم إن طال بهم العمر؛ فلابد من فراقهم، وستجدين نفسك وحيدة، تراقبين من هم مثلك، وحياتهم عامرة بضجيج الأبناء الذي يجعل للحياة معنى، ويتجدد معه الشباب، وتشعر فيه المرأة بأن أبناءها وأسرتها حصنها الوحيد في الحياة.
وفقك الله تعالى إلى ما يحبه ويرضاه، وأصلح حالك وبالك.