السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
خطبت فتاة، وكانت فترة الخطوبة سبعة أشهر، ثم تزوجتها، وبعد أربعة أشهر من الزواج طلقتها، لأن شكلها الجسدي لم يعجبني. لقد تسرعت في اختيار الزوجة، مع أنها لم يصدر منها أي تقصير، وهي ذات خلق عظيم، ولكنني بعد الزواج أدركت أنني أخطأت في الاختيار، إذ لم تعجبني في الفراش، فطلقتها.
فهل أنا مذنب يا شيخ؟ وهل سيحاسبني الله على ذلك؟ وهل لها حق علي؟ وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك أخي الكريم في إسلام ويب، وردا على استشارتك أقول، وبالله تعالى التوفيق:
أولا: من حكمة الشرع النظر إلى المخطوبة قبل الزواج؛ حتى يبنى الزواج على قناعة تامة، وكذلك من حق الفتاة أن تنظر إلى من يتقدم لخطبتها، فقد أرشد النبي ﷺ إلى ذلك فقال: إذا خطب أحدكم المرأة، فقدر أن يرى منها بعض ما يدعوه إليها، فليفعل، وزاد أبو داود: قال جابر: فخطبت جارية، فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها، فتزوجتها وقال المغيرة بن شعبة: خطبت امرأة، فقال لي رسول الله ﷺ: أنظرت إليها؟ قلت: لا، فقال: انظر إليها، فإنه أحرى أن يؤدم بينكما.
ثانيا: من أهم صفات المرأة التي ينبغي توفرها الدين والخلق، كما قال النبي ﷺ: تنكح المرأة لأربع: لجمالها، ولحسبها، ولمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين، تربت يداك، ومعنى "تربت يداك" أي التصقت بالتراب، وهي كناية عن الفقر، أي خسرت إن لم تختر ذات الدين.
ثالثا: من السنة الاستخارة قبل الإقدام على الخطوبة أو الزواج، فاختيار الله للعبد خير من اختياره لنفسه، كما أن استشارة الناصحين تزيد الأمر وضوحا، وقد جاء في الأثر: ما خاب من استخار، ولا ندم من استشار ويبدو من كلامك أنك استعجلت، وربما لم تستخر ولم تستشر.
رابعا: قد يكره الإنسان شيئا وفيه الخير له، وقد يحب شيئا وفيه الشر، كما قال الله تعالى: ﴿وعسىٰ أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ۖ وعسىٰ أن تحبوا شيئا وهو شر لكم ۗ والله يعلم وأنتم لا تعلمون﴾، وقال أيضا: ﴿فإن كرهتموهن فعسىٰ أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا﴾، أي: قد يكون الصبر مع إمساك الزوجة رغم كراهتها فيه خير كثير، كأن يرزق منها ولد، يكون فيه النفع.
خامسا: في الحديث الصحيح: لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن سخط منها خلقا، رضي منها آخر. وهذا يحث على النظر إلى الإيجابيات، وعدم التسرع في الحكم على الشريك.
سادسا: العيب الذي ذكرته في زوجتك ليس في دينها ولا خلقها، بل في الشكل والمعاشرة، وكان بالإمكان معالجة الأمر بالصبر والتثقيف والتعليم، لا سيما وأنك مدحت أخلاقها.
سابعا: الطلاق بلا سبب شرعي واضح، يسبب أذى نفسيا كبيرا للمرأة، وانكسارا في قلبها، وربما إساءة من المجتمع، والله تعالى يقول: ﴿والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا﴾، ويقول ﷺ: المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يحقره، ولا يخذله.
ثامنا: إن كان بقاؤها معك سيجعلها مهملة في الفراش ومحرومة من حقوقها، ولا تستطيع إعفافها، فالطلاق في هذه الحالة قد يكون جائزا ولا إثم فيه، لكنه يظل مؤلما لها، وقد قال بعض العلماء: الطلاق مباح عند الحاجة، ويكره لغير حاجة، ويحرم إن كان بغير مبرر.
تاسعا: بعد وقوع الطلاق، يستحب أن تجبر خاطرها بشيء من المال، وأن تذكر محاسنها بين الناس، وإن استطعت أن تعين في تزويجها بغيرك فافعل، فهذا من حسن المعاملة والتقوى، قال تعالى: ﴿ومن يتق الله يجعل له مخرجا﴾.
عاشرا: يمكنك أن تصلي صلاة الاستخارة في أمر مراجعتها، فإن انشرح صدرك فارجع إليها، وإن لم ينشرح فامض في قرارك، مع الدعاء لها بالتوفيق والسعادة.
وأخيرا: أوصيك بعدم التسرع في اختيار الزوجة مستقبلا، وأن تجعل الدين والخلق معيارك الأول، ففي الحديث: التأني من الله، والعجلة من الشيطان.
نسأل الله تعالى لنا ولك ولها التوفيق والسعادة.