السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعيش مع إخوة وأخوات، لا أشعر بالراحة معهم، ولا أستطيع العيش مع غيرهم، ولا العيش وحدي، كما لا أستطيع مغادرة البيت، وهذا الأمر أتعبني كثيرا، حتى لم أعد أرى حلا سوى الانتحار!
السؤال الثاني: أنا أحب الله، وأرى الدين أمرا جميلا، لكن لا أرغب في ارتداء الملابس الطويلة، فهي لا تريحني ولا أحبها، أريد ارتداء بلوزة وبنطلون، لكن والدي يعترض على ذلك، فهل له الحق أن يمنعني؟ أنا لا أريد عقوقه أبدا، لكني تعبت من هذا الأمر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مجهولة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أختنا الفاضلة- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.
أختنا الكريمة، اعلمي -وفقك الله- أن المشاحنات والصراعات التي تقع بين الإخوة داخل البيت الواحد، أمر يكاد يكون طبيعيا، ولا يكاد يخلو منها بيت، وذلك بسبب الألفة، والمداومة على المعايشة والمشاركة في المكان، وغيره من المشتركات، وفي بيئة أسرية يكثر فيها التوتر والنزاع، تحتاجين إلى جملة من الأمور الهامة:
أولا: حماية نفسك، وذلك بالحرص على تقليل الاحتكاك، وكل ما يزيد من هذه الصراعات أو يثيرها، وحاولي تجنب مواطن التماس التي تؤدي إليها.
ثانيا: تجاهلي بعض الأمور الصغيرة التي لا جدوى من إثارتها أو تضخيمها، ولا تعطي الأشياء أكبر من حجمها؛ فهذا مع الوقت سيعينك كثيرا على التعامل مع المواقف بهدوء وحكمة.
ثالثا: إيجاد مساحة أمان ومتنفس شخصي؛ فالبقاء الدائم في بؤرة الصراع يجعل الإحساس به مستمرا، ويمنع عنك الشعور بالراحة، وهذا يزيد المشكلة ويضاعف الاضطراب النفسي.
لذلك، احرصي على أن يكون لك متنفس بعيد عن هذه الأجواء، مثل حضور اللقاءات النسائية، أو المشاركة في أنشطة خيرية، أو الالتحاق بحلقات تحفيظ القرآن الكريم، أو الانخراط في أعمال تطوعية؛ فهذه كلها وسائل فعالة لاستعادة التوازن وراحة النفس.
رابعا: الدعم النفسي والروحي؛ ففي مثل هذه الظروف تحتاجين إلى من يمنحك الدعم النفسي والمعنوي، سواء صديقة مقربة، أو شخص من محارمك تثقين بحكمته ومساندته، وابحثي عن بيئة صالحة من الفتيات الصالحات، تشجعك على الانخراط في أنشطة وفعاليات، تشعرك بالإنجاز والعطاء.
خامسا: أختنا الكريمة، إن إقناع النفس بانعدام الحلول، وحصر الخروج من الأزمة في باب الانتحار، ليس حلا، بل هو طريق إلى مزيد من التعقيد والحرمان من فرص الإصلاح، فالانتحار محرم شرعا ومن الكبائر، وتوعد صاحبه بالخلود في النار كما صح عن النبي ﷺ: من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تحسى سما فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا (رواه البخاري).
سادسا: لا ترسلي إلى نفسك رسائل سلبية، تزيد الأمر سوءا، وتعين الشيطان على إضعافك أكثر، فالمشكلة يمكن إدارتها والتعامل معها، واعلمي أن الصراعات العائلية بين الإخوة تحدث كثيرا، ولها أثر كبير على النفسية، لكن تجنبها تماما قد يكون صعبا، والأفضل هو حسن إدارتها وتقليل أثرها.
أما بخصوص سؤالك الثاني حول اللباس:
أولا: ما دمت تحبين الله تعالى وتسعين لرضاه، فالواجب أن تتبعي ما يرضيه وتتجنبي ما يسخطه، فهذا هو الحب الحقيقي لله، أما ادعاء محبته مع مخالفة أوامره، فهذا نوع من الغفلة والاستهتار غير المباشر؛ فكيف يكون الحب صادقا مع ممارسة ما يغضبه؟
ثانيا: للمرأة المسلمة لباس حدده الشرع بصفات واضحة، من أهمها: ألا يصف الجسد ولا يشف، فإذا كان ارتداؤك للبلوزة مع البنطال لا يحقق شروط الستر الشرعي، فهذه بلا شك مخالفة، وعلى والدك أن ينصحك بالحكمة والموعظة الحسنة والرفق، فهذا دوره كأب مسؤول أمام الله عن رعيته.
ثالثا: ربما عدم حبك للباس الطويل يرجع لعدم اعتيادك عليه، أو لغياب البيئة التي تشجع على ارتدائه، لكن تذكري أن حب الله تعالى يقتضي تقديم أمره على رغبات النفس، فاللباس الشرعي الساتر هو ما يريده الله لك، وتشريعاته كلها خير ورحمة وسعادة لعباده، قال تعالى: ﴿وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا﴾.
فاحذري مخالفة أمر الله أو بغض شيء من شرعه، واجتهدي في الدعاء أن يشرح الله صدرك للدين، ويوفقك لحسن الاستقامة عليه، وأبشري بالخير والتوفيق والسعادة.
ولمزيد من الفائدة راجعي الاستشارات المرتبطة: (2240168 - 2411187 - 16886 - 24814).
نسأل الله أن يوفقك للخير، ويعينك عليه.