السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عمري 20 عاما، أعاني من القلق من كل شيء، كالقلق من موقف، أو محادثة، أو أي شيء قد يكون بسيطا يمكن أن يسبب لي القلق، ويجعلني أفكر به لعدة أيام.
وأحيانا قد يكون الأمر مبنيا على خيالات؛ فمثلا عندما خرجت مع أصدقائي، وفي أثناء جلوسي معهم، ينتابني خيال أو وسوسة بأنني قلت شيئا وأنا لم أقله، مع العلم أن ذلك يحدث أثناء جلوسي معهم، وهم يتحدثون، وأنا أفكر ربما قلت كذا، أو آذيت أحدا، وأنا أعلم أنه لم يحدث، ولكن تفكيري بذلك لا يتوقف، وعندما أذهب إلى البيت أظل أفكر بذلك أيضا.
أنا أعاني من القلق عموما في أي شيء من الماضي، وأبني عليه تخيلات، وتحليلات، وفكرة تؤدي إلى فكرة، مع العلم أن كل أفكاري سلبية، وهذا الشيء كنت أعاني منه منذ فترة، ولكن كنت أعلم أن هذا مجرد قلق طبيعي، ولم يكن بتلك الشدة، ولكنه الآن خرج عن الحد الطبيعي، وأصبحت دائما أفكر في أي موقف ربما عملت كذا، وربما حصل كذا.
ويصل الأمر أحيانا إلى درجة التصديق، وأحيانا يكون الأمر ليس له أساس من الصحة، ولا دليل على حدوثه، ولكنني آخذه على محمل التصديق، وأنه حقيقي، وهذا الشيء أصبح يؤثر على حياتي اليومية بشكل كبير.
أنا حاليا لا أستطيع الذهاب إلى طبيب أو معالج نفسي، وأطلب منكم حلا لمشكلتي، وشكرا مقدما.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا جزيلا على استشارتك ورسالتك، والتي اطلعت عليها اليوم، وقد ذكرت فيها أنك تعاني من قلق يتخللك أحيانا، وذكرت أنها وصلت إلى مرحلة تؤثر على حياتك اليومية بشكل كبير، وحسب ما ذكرته، من الواضح أنك تواجه صعوبة في الذهاب إلى الطبيب النفسي، أو المعالج النفسي حاليا.
أخي الفاضل: واضح من خلال رسالتك أنك تعاني من اضطراب الوسواس القهري، والذي يأتي أحيانا في شكل وساوس فكرية، وليس بالضرورة أن يترافق مع سلوكيات متكررة، ولكن هذه الوساوس التي أثرت على حياتك اليومية حاليا، هي في الأساس ناتجة عن اضطراب الوسواس القهري، والذي يعتبر جزءا من اضطرابات القلق المعروفة، والاضطرابات النفسية هي مثلها مثل جميع الأمراض الأخرى، هي اضطرابات مصنفة ومعروفة، ولها طرق علاج أيضا معروفة.
ذكرت أنك لا تستطيع حاليا الذهاب إلى الطبيب أو المعالج النفسي حاليا، ولكن للتحكم في هذا الاضطراب لا بد من إجراء تقييم نفسي، وبالتالي وضع خطة علاجية، وتشتمل الخطة العلاجية عادة على:
• العلاج الدوائي.
• العلاج النفسي المرتبط بالوساوس الفكرية.
وهناك أنواع مختلفة من التدخلات النفسية في هذا المجال، وكلها تحتاج إلى إشراف معالج نفسي.
وهنا سأذكر لك بعض الأمور التي يمكن أن تساعدك في الفترة الحالية على التحكم في هذه الوساوس، وخاصة الفكرية منها، والتي تحدث في مواقف ومواقع مختلفة، أو التي تحدث بشكل متكرر في البيت.
في البداية، إذا أردت استخدام العلاج الدوائي، فهناك أدوية معروفة تساعد على التحكم في القلق والوساوس، وتسمى (مضادات الاكتئاب)، والتي تعمل على مواد تسمى الـ (سيروتونين)، وهذه الأدوية معروفة، وتوجد كأنواع مختلفة، ولكن أفضل أن تستعمل تحت إشراف طبي؛ فهي أدوية جيدة، تحتاج جرعتها إلى ضبط؛ حتى تساعد على تخفيف القلق والتحكم في مثل هذه الوساوس.
أما الخطوة الثانية: فهي العلاج النفسي، ومنها ما يعرف بالعلاج النفسي السلوكي المعرفي، أو الـ (CBT)، وهذا العلاج يتعامل مع الأفكار السلبية، أو الأفكار المتكررة، أو الوسواس، ويساعد على التخلص منها، وتغييرها إلى أفكار إيجابية.
وهذا النوع من العلاج يحتاج إلى تدريب وإشراف معالج نفسي، ولكن هناك بعض المواقع الإلكترونية التي تقدم هذا العلاج من خلال مقابلات، أو برامج مجانية عبر الإنترنت؛ كأن تبحث وتكتب (ما هي المواقع التي تساعد في التخلص من الوسواس، عن طريق العلاج النفسي الفكري السلوكي)، فإذا هناك بعض المواقع التي تقوم بعمل هذا الجهد من خلال مقابلات مجانية.
أما الجزء الآخر فهو يتعلق بالحياة اليومية، والمرتبطة أيضا بالجوانب الاجتماعية، والحياة العملية، والمسائل الروحية، وهي كلها في شكل متكامل، تعمل على إيقاف مثل هذه الأفكار، وتساعد على الحد من هذه الأفكار، والتحسين النفسي، ومن أهم الأشياء التي تساعدك على التخلص من الوساوس:
• اعمل على تطوير ذاتك، وابحث عن طرق فعالة للتعامل مع الأفكار الوسواسية.
• شارك بانتظام في حياتك العملية والاجتماعية؛ لتعزيز روتينك اليومي.
• ركز اهتمامك على أنشطتك اليومية لتقليل تأثير الوساوس عليك.
• امنح نفسك وقتا للراحة النفسية والروحية؛ لتعزيز توازنك الداخلي.
• تجاهل الوساوس، ولا تسمح لها بالسيطرة، أو الاسترسال في ذهنك.
وبذلك تستطيع التحكم في الوساوس تدريجيا، والحد من تأثيرها على حياتك اليومية -بإذن الله-، مع ضرورة بذل جهد قوي، واستنفاد القدرة النفسية والروحية للوصول إلى التخلص التام من هذه الوساوس.
وللفائدة راجعي هذه الروابط: (288014 - 2206953 - 2136823 - 288014).
وفقك الله لكل خير.