السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا امرأة أبلغ من العمر 33 عاما، ولدي طفلان ذكورا، أحاول حفظ القرآن منذ حوالي ثلاث سنوات، وقد تمكنت من حفظ نحو نصفه، لكنني كثيرا ما أنسى، وأحتاج إلى المراجعة يوميا، أي أنني بحاجة إلى ثلاث ساعات يوميا على الأقل بين حفظ جديد ومراجعة للقديم.
بدأت أعتزل أغلب الناس، وأصبح لدي صديقات معدودات، ولا أخرج إلا نادرا، وأقوم بواجباتي المنزلية، من طبخ وتنظيف ورعاية زوجي، ثم أعود للحفظ.
بعض الأشخاص قالوا لي إنني على خطأ، ويجب أن أخصص وقتا أكثر لتربية أطفالي.
ابني الكبير قد حفظ تقريبا معظم جزء عم، لكن لدي رغبة قوية في الحفظ، وأشعر بالانزعاج عندما أخرج مع صديقاتي لأن ذلك يشغلني عن الحفظ.
سؤالي: هل أنا على صواب في تنظيم وقتي بهذه الطريقة؟
وسؤال آخر: ما حكم خروج المرأة بثياب واسعة وفضفاضة، مثل قميص وتنورة سادة مع الحجاب، دون ارتداء جلباب فوقهم؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أختنا الفاضلة- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله أن يوفقك لصالح القول والعمل.
بداية: نسأل الله أن ييسر لك تمام حفظ كتابه الكريم، فهذا شرف عظيم وثواب جزيل لمن حفظ القرآن واجتهد في العمل به قولا وعملا، فقد ورد في الحديث المشهور: خيركم من تعلم القرآن وعلمه، وهذا الحديث يدل على أن الخيرية تكون أولا لمن تعلم القرآن، ثم بادر إلى تعليمه للآخرين.
وانطلاقا من ذلك، فالطريق الأمثل لك -أختنا الكريمة- هو أن تتعلمي القرآن حفظا وتلاوة وفهما وتربية، ثم تبادري إلى تعليمه لأبنائك حفظا وتلاوة وتربية، لتكوني مشمولة بالفضل الوارد في الحديث.
واعلمي -وفقك الله- أن الانشغال بالقرآن حفظا وتلاوة من أعظم القربات إلى الله تعالى، ولكن ينبغي ألا يكون سببا في التفريط في الحقوق، أو الإخلال بتوازن حياتك اليومية والمهام الأخرى، كالرعاية المنزلية، والزوج، والأبناء، وغيرها، فالعدل والتوازن هو الأساس في ذلك، ولذلك نتوجه إليك بالنصائح الآتية:
أولا: اختيار أسلوب الحفظ المناسب:
تعتمد طريقة الحفظ على شخصيتك وظروفك؛ فلكل إنسان أسلوب يتوافق مع قدراته ووقته وحضور ذهنه، ومن الأساليب الفعالة: الجمع بين الحفظ البصري بالنظر في المصحف، والحفظ السمعي بالاستماع والتسميع للتلاوة، والحفظ الكتابي بكتابة الآيات وتدبرها، وهذه الطريقة غالبا ما تكون أكثر ثباتا للحفظ.
ثانيا: اختيار الوقت المناسب للحفظ:
جربي الحفظ في أوقات مختلفة مثل أوقات: بعد صلاة الفجر، قبل شروق الشمس، بين الصلوات، بعد صلاة العصر، وبين المغرب والعشاء، ثم لاحظي أكثر الأوقات التي يكون فيها قلبك حاضرا وذهنك صافيا، وداومي عليها، فإن اختيار الوقت المناسب يقلل الجهد ويحقق نتائج أفضل.
ثالثا: المراجعة اليومية الفعالة:
من المهم استخدام الحواس جميعها في المراجعة، فانظري في المصحف، ثم ارفعي صوتك قليلا لتسمعي نفسك، وكرري التلاوة أكثر من مرة، وكرري المراجعة يوميا بشكل قليل وفي أوقات متفرقة، من مرتين إلى أربع مرات على الأقل، كما يمكن استثمار الصلاة في تثبيت الحفظ، بقراءة ما حفظته في صلاة الوتر، وقيام الليل، والنوافل، فهذه طريقة مؤثرة جدا.
رابعا: الإخلاص والاستمرارية:
من الأمور الجوهرية لثبات الحفظ الإخلاص لله تعالى، فاجعلي نيتك خالصة، ليبارك الله في جهدك ويعينك، واستمري بشكل دائم، فالقليل المستمر خير من الكثير المنقطع.
خامسا: تنظيم الوقت وتجنب الملهيات:
اجعلي جدولك متوازنا بين الحفظ والمراجعة والأعمال المنزلية، وابتعدي عن الملهيات التي تضيع الوقت مثل الإفراط في متابعة مواقع التواصل، أو الزيارات الطويلة بلا فائدة.
سادسا: تعليم الأبناء القرآن:
من المهم تعليم الأبناء القرآن ليكون حاضرا في حياتهم، مع الحرص على ذلك برفق ودون ضغط، حتى لا ينفروا منه، وكافئيهم على الإنجاز في الحفظ لتحفيزهم على الاستمرار.
ويمكنك أيضا إلحاقهم بمدارس تحفيظ القرآن أو الحلقات القرآنية، ومتابعة حفظهم بشكل دوري، مما يمنحك وقتا أكبر للحفظ الشخصي، ويساعدهم على تكوين بيئة تشجعهم على المراجعة.
أما بالنسبة للجزء الثاني من سؤالك المتعلق بخروج المرأة بثياب واسعة وفضفاضة مثل قميص وتنورة سادة وحجاب، دون ارتداء جلباب فوقها، فإنا نحيلك إلى استشارة سابقة بالموقع فيها جواب سؤالك، ورقمها هو:(2124852).
نسأل الله أن يوفقك لما يحب ويرضى، وأن يجعل القرآن ربيع قلبك وذخرك في الدنيا والآخرة.