السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أبلغ من العمر 17 عاما، وأعيش بمفردي، ويتكفل والدي بالنفقة.
أولا: أعاني من بعض المشكلات في شخصيتي وفي مهاراتي الاجتماعية؛ إذ كنت في صغري اجتماعيا، وأعرف الكثير من الناس، ومحبوبا بينهم، لكن بعد أن انتقلنا إلى مكان آخر، وجدت نفسي جالسا في البيت، لا أعرف إلا القليل من الناس، ورغم أني ظللت اجتماعيا في طبعي، إلا إن قلة الاختلاط بالناس أثرت سلبا في قدرتي على التعامل معهم؛ فأحيانا يعجز لساني عن الكلام، وأتوتر بسرعة، وبصورة غير مسبوقة.
فكرت في الأمر، وأرجعته إلى بعض الأسباب؛ مثل التكلف وعدم التلقائية، وقد بدأت منذ فترة في مخالطة الناس من جديد، وأشعر بتحسن طفيف، لكني أريد أن أسير على نهج أفضل، مع توجيهات ونصائح من مختص.
ثانيا: كان لي صديق تعرفت إليه بعد انتقالي، وهو الوحيد الذي ارتبطت به؛ بطبيعتي لست ممن يبادرون بالتعرف على الآخرين، وإنما تحدث المعرفة غالبا بالمصادفات والمواقف، وقد بادر هو بالتعرف إلي، ثم توثقت علاقتنا بسرعة ملفتة، حتى إنه في اللقاءات الأولى عرفني إلى والده، وأخذ يحكي لي عن أمور شتى، فاستغربت من سرعة التقارب، لكني لم ألق بالا لذلك.
ومع مرور الوقت أصبحنا قريبين جدا، لكن منذ مدة لاحظت تغيرا في سلوكه؛ فمثلا كان يتحدث بالهاتف بجانبي بشكل طبيعي، أما الآن إذا جاءته مكالمة من نفس الأشخاص، يتوتر ويبتعد كثيرا، وإذا انتظرته حتى ينهي المكالمة، نظر إلي نظرات غريبة، فإذا التقت عيني بعينه أشار بيده كأنه يقول: ماذا؟
وكذلك عندما أحدثه بأي شيء، يرد علي ساخرا بلهجة مصرية: "بجد والله؟"، وكأنه يستهين بكلامي، بل أصبح –بعدما شجعته على التدين– يتعامل معي وكأنه الناصح الموجه، لا الصاحب المقرب.
أفيدوني أفادكم الله عز وجل.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الإله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك -بني- عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال.
هناك شقان في سؤالك:
أما الشق الأول: نحمد الله تعالى على أنه يسر لكم السكن الجديد والانتقال.
وأعجبني في وصفك لشخصيتك أنك بالعادة شخص اجتماعي، إلا إنه بعد الانتقال وجدت نفسك معتزلا الناس، وتجلس في البيت، وهذا أمر متوقع وطبيعي، إن الإنسان عندما ينتقل إلى مكان جديد، فلا شك أنه يحتاج لبعض الوقت حتى يبدأ يتعرف إلى الناس من حوله، ويبدأ يتكيف مع الوضع الجديد.
وأيضا أحمد الله تعالى على أنك ذكرت أنك بدأت تشعر ببعض التحسن -ولو كان طفيفا- في طريقة التعامل، فهذا مؤشر على أنك بدأت تسترخي وتتكيف مع الظرف. فأعط نفسك وقتا لتستمر في ذلك، وخاصة أن شخصيتك الطبيعية أنك شخص اجتماعي، فما هو إلا وقت قصير حتى تجد نفسك متعرفا إلى الناس من حولك، وأنك متكيف بشكل جيد.
أما الشق الثاني من سؤالك: فيتعلق بصديقك هذا الذي تعرفت إليه منذ انتقلت، وهذا من مدة قصيرة، فإذا أرجو ألا تتسرع في إصدار الأحكام على هذا الصديق، نعم يبدو من كلامك أن لديه بعض التصرفات الغريبة، ولكن أحيانا يصعب علينا أن نعرف ما هو الطبيعي وما هو المختلف، فكل إنسان له شخصيته وله طباعه، فأعط أيضا نفسك وقتا حتى تتعرف إلى هذا الصديق الذي وصفته أنه صديق، فأنتما ما زلتما حديثي التعارف، ولا شك أن المعرفة والصداقة تحتاج إلى بعض الوقت؛ لتبنى بالشكل المناسب.
وأخيرا: إذا شعرت أن صديقك هذا بدأ يتصرف بطريقة غريبة جدا، بحيث أنك تستغربها وترى فيها أمورا غير طبيعية، فهنا عليك إما أن تنصحه بأن يبحث فيما يقلقه، أو تعطيه مساحة ليشرح هو عما يشعر به ويدور في خلده، وإذا شعرت أنه في حاجة للحديث مع من هو أكثر خبرة منك في الحياة والشخصية والسلوك والأطباع، فيمكن أن تسأله أن يكتب إلينا في هذا الموقع، ومن ثم نقرأ سؤاله ونرد على استشارته، كما نرد على استشارتك أيضا.
ندعو الله تعالى لك بتمام التوفيق والسداد.