السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أريد الاستفسار بخصوص حالتي:
في عام 2013 كان عمري 12 عاما، وفجأة ظهرت لدي أعراض الوسواس القهري، مثل: تداخل الأفكار، والخيالات، وغيرها، كنت صغيرة في ذلك الوقت، ولم أكن أعلم ما هو الوسواس، وكان ضميري يؤنبني على أي شيء أفعله، حتى لو كان مجرد لعب أطفال، وكنت أخبر أمي بكل شيء لأحصل على الطمأنينة.
ثم ذهبت إلى طبيب نفسي، وأعطاني دواء يسمى الزيبريكسا، لمدة سنة، فشفيت تماما خلال تلك الفترة، وبعد عام عادت إلي نفس الأفكار من جديد، مثل: تأنيب الضمير على كل شيء، والبكاء.
لكن هذه المرة لجأت إلى الرقية الشرعية، وواصلت العلاج معها دون أن أشفى بشكل تام، حيث كانت الأعراض تخف ثم تعود مرة أخرى، وبقيت على هذا الحال لمدة سبع سنوات.
بعدها مرضت بكوفيد 19 -كورونا-، وتبعتها مضاعفات حادة جدا، منها صداع لا يحتمل، فأعطاني طبيب المخ والأعصاب -بعد عدة صور أشعة وتخطيط- دواء الأميتريبتيلين، بجرعة 10 ملغ، واستمررت عليه لمدة 6 أشهر، وتعافيت من صداع الكورونا، ومن الوسواس القهري.
لكن فجأة وأثناء تناول العلاج، أصابتني غمة في الصدر، وتنميل في الرأس، وشعرت بتوتر مفاجئ، ومن ذلك اليوم عاد الوسواس والخيالات، ولم أعد أنام الليل.
شاء الله أن ذهبت إلى شيخ معروف، وأجريت الرقية الشرعية مرتين مع الحجامة، وشفيت تماما دون الحاجة إلى علاج دوائي.
والآن بعد عام ونصف من الشفاء بدون دواء، عاد الوسواس القهري بنفس الطريقة، غمة في الصدر، وتنميل في الرأس، وبدأ معها التوتر والصداع والوسواس.
استفساري هو: لماذا يعود إلي الوسواس بهذه الطريقة بعد فترة من الشفاء؟ هل هناك سبب واضح يجعل الوسواس يعود بهذه الصورة؟ وهل يمكن أن يعتبر ذلك فزعا، أو نوبة هلع؟ أرجو نصحكم لي حول ما ينبغي علي فعله.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم أحمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا على رسالتك واستشارتك، وعلى التفاصيل التي ذكرتها عن حالتك، أسأل الله أن يمن عليك بالشفاء التام.
قد ذكرت أنك تعانين من أعراض الوسواس القهري منذ فترات طويلة، ولكن من الواضح من خلال رسالتك أن أعراض الوسواس تزداد في فترات، وتخف وتشفى منها تماما في فترات أخرى، وقد ارتبطت بعض هذه الفترات باستخدام أنواع مختلفة من العلاجات، سواء كانت دوائية أو نفسية، أو الرقية الشرعية، أو غيرها من التدخلات التي تعاملت معها خلال السنوات السبع الماضية كما ذكرت.
ولكن سؤالك الذي ظل قائما هو: هل هناك سبب ملحوظ يجعل الوسواس يرجع بهذه الطريقة بعد فترة وأخرى، أي بعد أن تتم فترة الشفاء؟ والسؤال الثاني: هل هذه تعتبر نوبة هلع؟
الإجابة على سؤالك الأول: نعم، هناك معلومات كثيرة ذكرتها، ولكن من الواضح أن لديك استعدادا فطريا منذ الطفولة -من عمر 12 سنة- لهذه الوساوس، ربما ناتج من مجموعة من العوامل التي تزيد عند الأطفال نسبة الإصابة بالقلق، أو الوساوس الفكرية.
وهذا الاستعداد الفطري يظل مستمرا لفترة، إلى أن تأتي بعض المسببات التي تعيد تنشيط الحالة، مثل حالتك كما ذكرت، ورجعت لك الأعراض عند حدوث جائحة كورونا، وعند إصابتك بها قبل سبع سنوات.
ورغم أن الأعراض عادت أيضا بعد إصابة الكورونا، وهي الفترة التي شهدت بالفعل ازديادا كبيرا في حالات القلق، وحالات الوسواس القهري، والاضطرابات النفسية عموما، حيث زادت نسبة الإصابة؛ نتيجة الخوف والقلق الذي صاحب الجائحة ومضاعفاتها، والحمد لله أنك شفيت منها -كما ذكرت-، واطمأننت بعدم وجود أي مضاعفات عضوية.
ثم مرت فترة استخدمت فيها العلاج، وكانت هناك حالة من الاستشفاء، ثم بعد ذلك لجأت مرة أخرى إلى العلاج عن طريق الرقية والحجامة، والحمد لله أحسست بالشفاء التام، وبدون استخدام أي نوع من العلاج.
لم تذكري في رسالتك ماذا حدث قبل عام ونصف؟ وهل هناك أي سبب يمكن أن يكون وراء عودة الوسواس القهري أم لا؟ ولكن عموما طالما أن حدوث الوسواس القهري منذ أكثر من 12 عاما يأتي في شكل نوبات، فإن فرصة حدوثه أيضا في المستقبل في شكل نوبات ستظل مستمرة، حتى في حال عدم وجود سبب ملحوظ أو معروف لعودة الوساوس؛ فإن القابلية لديك هي أن يرجع الوسواس من وقت لآخر.
عادة الوساوس تبدأ من نمط التفكير، وبالتالي يمكن تقليل نسبة الإصابة بها عن طريق استخدام ما يسمى بالعلاج الفكري السلوكي، والذي يمكن عن طريقه معالجة بعض حالات الوسواس القهري، باستخدام هذه التقنية من العلاج النفسي، والتي تساعد على تغيير نمط السلوك، أو تغيير نمط التفكير؛ وينتج عنه تغيير نمط الانفعالات والسلوك المصاحب لها.
هذا العلاج يمكن أن يضاف إلى أنواع أخرى من العلاجات النفسية أيضا، وفي مثل حالتك قد يكون هناك حاجة إلى الاستمرار في استخدام العلاج النفسي لفترات طويلة؛ حتى تضمني عدم عودة أو رجوع الأعراض النفسية.
لا خوف من استخدام الدواء النفسي بشكل مستمر لفترات طويلة، طالما كانت هناك حاجة لذلك، حتى لا تزيد الحالة تعقيدا، وأنصحك بمراجعة الطبيب النفسي، لاختيار نوع العلاج المناسب الذي يمكن أن يعطى في مثل حالتك، والاستمرار عليه، مع متابعة الطبيب؛ لأن ذلك من الأشياء المهمة.
فهذه هي النصائح العامة التي يمكنك أن تبدئي بها، واستشارة الطبيب النفسي في بلدك مهم جدا، والمتابعة معه حتى يتم -إن شاء الله- المعالجة الكاملة لهذه الحالة، ومنع حدوثها، وحدوث ارتداد فيها في المستقبل.
عافاك الله وشفاك.