بعد علاقة حب ونية زواج ومباركة الأهل تركتني بلا سبب!!

0 0

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب في مقتبل العمر، كنت في علاقة مع فتاة، وكانت علاقتنا طيبة ومقصدنا الزواج، وحتى العائلتان كانتا تعرفان بأمرنا، ومنذ أن أحببتها، لم أفكر إلا فيها، ولم أتحدث إلا معها.

خطئي الكبير كان عندما علقت كل أسباب سعادتي عليها؛ إذ إنها بعد سنتين ونصف بدأت تتغير وتهرب بلا أي موجب، ورغم أني سألتها عن السبب، ترد أنها لا تعرف وعقلها مشوش، وبدأت بالإهمال المتتابع.

هذا الأمر أثر على نفسيتي كثيرا حتى حد الانهيار، ولم أعد أحس بأي طعم للحياة، ودخلت في دوامة كآبة كبيرة جدا أصابت جسدي بالهزال والضعف.

أعلم أنه لا يجدر بي هذا، لكن كلما حاولت إخراجها من عقلي تعود بالقوة.

أريد شيئا واحدا فقط: أريد أن أرتاح! أريد أن أعود ذاك الشخص النشط الذي يعيش الحياة بكل فرح؛ لأنني منذ شهور أعاني معاناة جعلتني لا آكل ولا أنام جيدا، وأعيش فترة من الضيق النفسي يعلم الله وحده مدى شدته، ولولا توحيدي وإيماني بالله لانتحرت من شدة الاختناق.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام حسن العرض للسؤال، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يملأ قلبك بحب الواحد المنان، وأن يشغلك بطاعته، وأن يملأ قلوبنا بحب كل ما يرضيه، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

أولا: سأبدأ الإجابة بالختام الجميل: "لولا توحيدي وإيماني بالله"، هذا هو الذي نريد أن نبني عليه، وتؤسس عليه حياتك وسعادتك؛ فإن الإيمان بالله - تبارك وتعالى - كمال التوحيد الذي يقتضي كمال الحب، وكمال الخضوع، وكمال الارتباط بالله - تبارك وتعالى - تصغر معه الدنيا من أولها إلى آخرها، ونسأل الله - تبارك وتعالى - أن يعمر قلوبنا بالإيمان، وأن يجعلنا ممن يحب الله ويحب الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ويحب كل ما جاء به الرسول ﷺ.

ثانيا: أرجو أن تدرك أن العلاقة التي كانت مستمرة لم تكن صحيحة، واحمد الله - تبارك وتعالى - أنها لم تستمر، فأنت بحاجة إلى توبة لله نصوح، رجوع إلى الله - تبارك وتعالى - وبعدها إذا أردت أن ترتبط بأي فتاة فليكن كل ذلك بغطاء شرعي، فمعرفة العائلتين، وهذا التوسع والتمدد الذي حصل لا يكفي، فالإنسان إما أن تكون هناك خطبة شرعية، والخطبة أيضا ما هي إلا وعد بالزواج، لا تبيح للخاطب الخلوة بمخطوبته، ولا الخروج بها، ولا التوسع معها في الكلام، ولكنها إعلان للرغبة، والحريص ينبغي أن يحولها مباشرة إلى عقد نكاح، فإنه (لم ير للمتحابين مثل النكاح).

واعلم أن هذه العلاقة لا يمكن أن تنجح إذا كانت من طرف واحد، بل عليك أن تحمد الله - تبارك وتعالى - الذي كشف لك هذا النفور منذ وقت مبكر، فكانت الندامة ستكون أكبر ومضاعفة لو أنك أكملت هذا المشوار، ودخلت في هذه العلاقة، ثم حصل هذا النفور وهذا التشويش.

ثالثا: ندعوك إلى إهمال من يهملك، فلا خير في ود متقلب، ولا خير في ود يجيء تكلفا، والحياة الزوجية الناجحة إما أن يكون فيها الرضا المشترك، والقبول المشترك، والميل المشترك، وكل ذلك ينبغي أن يكون على أرضية من الشرع يبنى على قواعد صحيحة.

رابعا: أرجو أن تدرك أن الإنسان ما ينبغي أن يربط نفسه بهذه الطريقة، بامرأة أو بغيرها، والنساء غيرها كثير، ولعل الخير فيما يختاره الله، {وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم}.

خامسا: مما ننصحك به أن تتذكر عيوب الفتاة المذكورة، ولعل من أكبر عيوبها قلة الوفاء الذي عندها، والإنسان إذا تذكر هذا -تذكر أن هذا الذي كان يأمله خرج من طوعه، وخرج من حياته، وتمرد عليه- فإن هذا ينبغي أن يدعوك إلى المعاملة بالمثل، والبعد عن هذه العلاقة التي لم تكن أصلا في رضا الله -تبارك وتعالى-، ولم يكن لها غطاء شرعي حتى تستمر، أو تحزن عليها.

نسأل الله أن يعينك على الخير، وندعوك إلى ما يلي:
1. التوبة عن هذا التجاوز الذي حصل، والتوبة تجب ما قبلها.

2. الإكثار من الاستغفار، والصلاة والسلام على نبينا المختار؛ فإن في ذلك مغفرة للذنوب، وزوالا للهموم والغموم.

3. عليك أن تؤسس لعلاقة صحيحة تأتي فيها البيوت من أبوابها، فإن وجود امرأة صالحة في حياتك سينسيك هذا الموقف الذي حصل، وتلك الفتاة التي لم تكن وفية معك.

4. عليك أن تشغل نفسك بمهمات الأمور، المهمة التي خلقنا لأجلها، ثم بالمهارات الحياتية، والأمور النافعة لك في حياتك.

5. ندعوك إلى التخلص من كل ما يذكرك بقصة الفتاة: من صور، ومن أرقام هواتف، ومن إيميلات، ومن مواقف؛ هذا كله ينبغي أن تتخلص منه، لأن في ذلك عونا لك على نسيان هذا الذي حدث.

6. إذا ذكرك الشيطان بتلك العلاقة، فتذكر نعمة الله عليك أن الأمور انكشفت لك في وقت مبكر، وجدد التوبة، واعلم أن عدونا الشيطان همه أن يحزن أهل الإيمان، {ليحزن الذين آمنوا}، وأن هذا العدو يندم إذا تبنا، ويتأسف ويتحسر إذا استغفرنا، ويبكي إذا سجدنا لربنا.

فاشغل نفسك بطاعة الله وعبادته، ونسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.

مواد ذات صلة

الاستشارات