كيف يمكن احتساب المهر مقارنة بين العصر الحالي والماضي؟

0 0

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أود الاستفسار عن عدة أمور، وسأشرح بشكل تفصيلي لتتضح المشكلة.

في بلادي عند التقدم للزواج والقبول المبدئي، تتم الخطبة، ثم تمضي فترة يعقد خلالها عدد من الاجتماعات بين الخطيبين دون خلوة شرعية، وبعدها يعقد النكاح، ويتم الاتفاق على المهر، حيث يكون جزء منه معجلا، ويشمل الذهب، ومبلغا من المال يعطى للمخطوبة لتجهز به نفسها، وجزء آخر مؤجلا إلى وقت غير محدد، كما يكون الزوج ملزما بتجهيز المنزل وتحمل متطلبات الزفاف.

سؤالي عن المهر: فقد سمعت أن من الأفضل ألا يتجاوز مهر زوجات الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فهل العبرة بالمهر المقدم فقط، أم بالمجموع الكلي للمهر المقدم والمؤجل؟

إضافة إلى أن قيمة الذهب مقابل الفضة في زمن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كانت مختلفة كثيرا عما هي عليه اليوم، فقد كان الدرهم يقابل نحو 7 غرامات من الفضة، أما الآن فيقابل نحو 86 غراما، فالعبرة بماذا؟

هل يمكن الإجابة على سؤالي بمعيار الدخل اليومي أو الشهري؟ فأنا لا أعرف كم كانت قيمة الدرهم في زمن الرسول -صلى الله عليه وسلم- مقارنة بزماننا.

فمثلا: هل يمكن أن تكون الإجابة أن قيمة المهر تعادل خمس رواتب شهرية متوسطة؟ وبهذا يختلف المهر من دولة إلى أخرى، ومن عملة إلى عملة، ولكنه يكون متقاربا في القيمة والمعنى.

كما أود الاستفسار عن الهدايا التي تقدم للمخطوبة خلال فترة الخطبة، أو بعد عقد النكاح، مثل: الذهب، أو الهاتف المحمول، فهل تحسب هذه من المهر أم لا؟

أخيرا: أرجو منكم التكرم بتقديم بعض النصائح بخصوص حفل الزفاف، وهو غير مختلط، فكيف يمكننا تنظيمه؟ سواء من جهة النساء أو الرجال.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أسامة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أخانا الحبيب- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يفقهنا وإياك في ديننا، ونشكر لك حرصك على معرفة الأحكام الشرعية، وثقتك بالموقع، وتواصلك معنا، ونسأل الله تعالى أن ييسر لك العلم النافع والعمل الصالح.

وسؤالك عن المهر وعن مقداره، جوابه يطول، ولكن يمكننا أن نضع بين يديك ملامح عامة، وتوجيهات عامة عن هدي الشريعة الإسلامية في مسألة المهر، وما يتعلق به من أحكام.

فنقول: إن الإسلام لم يضع حدا للمهر، لا في قلته ولا في كثرته، وإنما اشترط الفقهاء أن يكون مالا، وبعضهم اشترط أن يكون منفعة، ويستحب أن يكون بقدر مهر أمهات المؤمنين؛ فقد جاء في حديث عائشة -رضي الله عنها-، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه قال: "سألت عائشة زوج النبي كم ‌كان ‌صداق ‌رسول ‌الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قالت: كان صداقه لأزواجه ثنتي عشرة أوقية ونشا، قالت: أتدري ما النش؟ قال: قلت: لا، قالت: نصف أوقية، فتلك خمسمائة درهم، فهذا صداق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأزواجه" [رواه مسلم]، والدرهم ثلاثة جرامات تقريبا من الفضة

قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: "واستدل أصحابنا –يعني فقهاء الشافعية– بهذا الحديث على أنه يستحب كون ‌الصداق ‌خمسمائة ‌درهم"، ثم قال: "والمراد في حق من يحتمل ذلك".

ثم ذكر -رحمه الله تعالى- أن صداق أم حبيبة الذي دفعه النجاشي كان أربعة آلاف درهم، وأربعمائة دينار ذهبية، فقال: "فإن قيل فصداق أم حبيبة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- كان أربعة آلاف درهم وأربعمائة دينار فالجواب أن هذا القدر تبرع به النجاشي من ماله إكراما للنبي -صلى الله عليه وسلم-لا أن النبي أداه أو عقد به، والله أعلم"، والله تعالى قد قال في كتابه الكريم: {وآتيتم إحداهن قنطارا}، والقنطار هو المال الكثير.

ولهذا يقرر الفقهاء أنه ليس هناك حد لأكثر المهر، فيصح المهر بكل ما تراضى عليه، وإن كثر، ولكن الشريعة الإسلامية ترغب في قلة المهر، كما جاء ذلك في أحاديث كثيرة، منها قوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي رواه الإمام أحمد: "إن من يمن المرأة - أي من بركة المرأة - تيسير خطبتها، وتيسير صداقها".

فالإسلام يحث على تيسير المهور، وتيسير أمور الزواج، حتى يفتح باب الحلال أمام الناس، وتتحقق المقاصد والمصالح الشرعية من وراء الزواج وتيسيره، والمقصود بالمهر هو مجموع المهر، الـمقدم منه والمؤخر.

وبهذا يتبين أنه لا يوجد مقدار محدد للمهر، بل يصح بكل ما تراضى عليه الطرفان، وينبغي أن يكون في حدود القدرة، بما يحقق التيسير والتخفيف.

وأما الهدايا التي تقدم للمخطوبة في فترة الخطبة، أو بعد عقد النكاح: فهذه أيضا مما وقع فيه الخلاف بين العلماء: هل هي هبات، أم هي جزء من المهر يستحق الزوج استرداده فيما لو لم يدخل بالمرأة، أو لم يتم عقد النكاح؟

فبعض العلماء يرى بأنها هبات وهدايا لا علاقة لها بالمهر، ولا يستحق الزوج استردادها واسترجاعها إذا لم يتم عقد النكاح من قبل المرأة، أي هي التي امتنعت عن إتمام النكاح.

ونحن ننصح بأن تكون الأمور واضحة، قاطعة للنزاع، بحيث إذا قدم الخاطب هدية، يكون معلوما لدى الطرفين هل هي جزء من المهر أم مجرد هبة، وبهذا يتجنب الخلاف مستقبلا، فإذا وقع نزاع بين الزوجين، فلا بد حينها من الرجوع إلى القضاء الشرعي والمحاكم الشرعية، فهي الجهة المختصة بفض النزاعات بين الناس.

نرجو أن يكون بهذا القدر قد اتضح لك ما كنت تود إيضاحه، وإذا بقيت هناك أسئلة تفصيلية في بعض الجزئيات، فينبغي أن تكتب سؤالا مفصلا وترسله إلى موقع الفتوى، بحيث يتيسر بيان الحكم الشرعي الخاص به.

نسأل الله تعالى أن يزيدك حرصا على التعلم، وأن يكتب لك الخير وييسره لك.

مواد ذات صلة

الاستشارات