الخوف من الشرك بالله يشوش عليّ في عبادتي، فماذا أفعل؟

0 5

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كنت في الصلاة أقول في نفسي إنني أسجد للجن أو للشيء الذي أمامي، وأحاول أن أبتعد، وذهب عني هذا؛ لأنني لم أكن مهتمة، لكن بعد قراءة بعض الأحاديث وآيات عن الشرك صرت أخاف أن أشرك بالله -عز وجل-، تتكرر هذه الأفكار في ذهني حتى قبل الصلاة، أشعر بأنني أنا من ينوي فعل هذا! أقوم بفعل تصرفات لكي أبعد هذا التفكير، أحيانا أضرب نفسي، أو أبكي، أو أتمنى الموت، دخلت في حالة اكتئاب، وأشعر أحيانا أن صلاتي لن تقبل، وأفكر في أن أتوقف عن الصلاة؛ لأنني أراه أفضل من هذا النفاق!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ قطر الندى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك في إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك من كل مكروه وسوء، وبعد:

ما تمرين به هو أمر متفهم، وقلما يمر الإنسان بحياته دون أن يتعرض له، لكنه عرض زائل -بإذن الله- فاطمئني، ودعينا نجيبك من خلال ما يلي:

أولا: من الجانب الشرعي: اعلمي أن ما تشعرين به من خواطر في الصلاة، كقولك في نفسك "أنا أسجد للجن" أو "أسجد للشيء الذي أمامي"، ليس شركا، ولا يحسب عليك ذنبا، بل هو وسواس قهري، لن يحاسبك الله عليه، فاطمئني، فقد قال ﷺ: إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم، وهذا الحديث وحده يكفيك طمأنينة، ما دام الأمر مجرد فكرة تكرهينها ولم تتحولي بها إلى رضا أو عمل، وعليه فإنها لا تضرك أبدا، بل إن كرهك لها، وبكاءك خوفا من أن تفسد صلاتك، هو علامة إيمانك، كما قال ﷺ: ذاك صريح الإيمان حين شكا الصحابة مثل هذه الوساوس.

ثانيا: من الجانب النفسي: ما تمرين به يسميه الأطباء وسواسا قهريا دينيا، وهو مرض شائع عند أصحاب الصدق والحرص على طاعة الله، الفكرة تأتي قهرا، وليست دليلا على حقيقتك ولا على نيتك، بل هي مجرد نشاط ذهني يفرض نفسه، العلاج ليس بالضرب، أو بتمني الموت، فهذا يزيد من ثقل الوسواس، بل الحل في: التجاهل: لا تجادلي الفكرة، ولا تحاولي طردها بقوة، بل تجاهليها، الاستعاذة: قولي بهدوء: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم استمري في صلاتك، الاستمرار في العبادة: ترك الصلاة هو ما يريده الشيطان منك، فلا تمنحيه مراده، وقد قال أهل العلم: العاقل يعلم أن الوسواس مرض، وأن دواءه الإعراض عنه.

ثالثا: وقفة إيمانية: تخيلي نفسك وأنت ساجدة، تبكين خوفا أن يكون سجودك لغير الله، أما تعلمين أن هذا البكاء بحد ذاته دليل أنك ساجدة لله وحده؟ لو كان قلبك متعلقا بغيره لما حزنت هذا الحزن، الشيطان كالظل الأسود، لا يظهر إلا إذا التفت إليه، فإذا أعرضت عنه ضعف أثره، فامض في صلاتك، وارم تلك الخواطر وراء ظهرك، وصلاتك في هذه الحالة ليست نفاقا، بل جهادا وصبرا، وقد قال الله تعالى: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا}، فأنت مجاهدة في محرابك، ولك أجر الصلاة وأجر مقاومة الوسواس.

* خطوات عملية:

- قبيل الصلاة: استعيذي بالله واطمئني، ثم كبري وادخلي في الصلاة دون تردد.
- إذا جاءك الوسواس: لا تجادليه، بل تجاهليه، ورددي في قلبك: الله أعظم من كل خاطر.
- بعد الصلاة: احمدي الله أنك صليت رغم المعركة، فذلك نصر.
- في يومك: أكثري من ذكر لا إله إلا الله، وادعي: اللهم مصرف القلوب صرف قلبي على طاعتك.
- قولي: (اللهم يا مثبت القلوب ثبت قلبي على دينك)، (اللهم إني أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون)، (اللهم اجعل صلاتي قرة عين، ووساوسي حسنات تمحو بها سيئاتي، واجعل قلبي خالصا لك وحدك).

أختنا: إياك أن تظني أن صلاتك نفاق، أو أن تركها راحة، بل والله إن الشيطان يفرح بتركك الصلاة، ويحزن حين ترفعين يديك مكبرة لله رغم الوسواس، صلاتك -وأنت تكابدين هذه الخواطر- هي أصدق صلاة، وأثقل ما يكون في ميزانك.

نسأل الله أن يوفقك لكل خير، والله المستعان.

مواد ذات صلة

الاستشارات