كيف يمكنني التخطيط الصحيح لليوم بحيث أستفيد من الوقت؟

0 4

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالب وأود أن أتعلم كيف يخطط الإنسان ليومه بحيث يستفيد أقصى استفادة، دون أن يحمل نفسه فوق طاقتها؟ وينظم وقته بين العبادات، والمدرسة، والدراسة، وتعلم العلوم الشرعية، وحفظ القرآن، والاهتمام بالتمارين الرياضية؟

فما تعليقكم؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ معاذ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك -أيها الطالب الكريم-، وأسأل الله أن يبارك في وقتك وجهودك، وأن يوفقك لما يحب ويرضى.

سؤالك يعكس حرصك على تنظيم وقتك، واستغلاله في طاعة الله وتطوير نفسك، وهذا أمر عظيم يدل على وعيك واهتمامك.

قال الإمام الشافعي -رحمه الله-: "الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك"، وقيل أيضا: "الوقت كالسيل إن لم تقطعه قطعك"، وكلا التعبيرين يؤدي الغرض نفسه، ويبرز أهمية إدارة الوقت بحكمة.

ولا ننسى أن الإسلام يحثنا على التوازن في حياتنا، كما قال الله تعالى: {وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا} [سورة القصص: 77]، وهذا التوجيه الإلهي يدعونا إلى الجمع بين العمل للآخرة، والاستفادة من الدنيا.

وكما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن لبدنك عليك حقا، وإن لعينك عليك حقا، وإن لزوجك عليك حقا، وإن لزورك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه" [رواه البخاري ومسلم].

إذن فهناك توازن في شتى مناحي الحياة، والإسلام يعلمنا أن العبادة ليست مقصورة على الصلاة والصيام، بل تشمل كل عمل يؤدى بنية صالحة، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إنما الأعمال بالنيات" [رواه البخاري]، لذا يمكن أن تكون دراستك وتعلمك للعلوم الدنيوية والشرعية عبادة إذا نويت بها وجه الله.

كما نحييك على جدك واجتهادك فأنت تعمل بالمثل العربي: من جد وجد ومن زرع حصد، هذا المثل يذكرك بأن الجهد المنظم يؤدي إلى النجاح، وكما قال الحسن البصري -رحمه الله-: "يا ابن آدم، إنما أنت أيام، كلما ذهب يوم ذهب بعضك".

وينسب للإمام الشافعي:
إذا هبت رياحك فاغتنمها فإن لكل خافقة سكون
ولا تغفل عن الإحسان فيها فما تدري السكون متى يكون

كيف يمكن أن تنظم يومك؟
1- ابدأ يومك بالعبادة: استيقظ مبكرا لأداء صلاة الفجر، وخصص وقتا بعدها لقراءة القرآن، وأذكار الصباح، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اللهم بارك لأمتي في بكورها" [رواه أبو داود].

2- ضع جدولا يوميا منظما، وقسم يومك إلى فترات محددة تشمل:
- الصلاة في أوقاتها، مع تخصيص وقت لقراءة القرآن والأذكار.
- الدراسة المدرسية، وخصص وقتا لمراجعة دروسك اليومية.
- تخصيص وقت لتعلم العلوم الشرعية، واختر وقتا ثابتا يوميا لتعلم الفقه، أو الحديث، أو التفسير.
- تحديد وقت يومي للحفظ والمراجعة، ولو كان قليلا، فالمداومة أهم من الكثرة.
- ممارسة التمارين الرياضية؛ للحفاظ على صحة بدنك، ولو لمدة 20-30 دقيقة يوميا.

3- استخدم تقنية الطاقة القصوى، وركز على المهام الصعبة في الأوقات التي تكون فيها طاقتك عالية، وغالبا ما تكون في الصباح، كما يمكنك استخدام تقنية البومودورو، والتي تعتمد على العمل 25 دقيقة متواصلة تليها 5 دقائق راحة؛ لزيادة الإنتاجية والتركيز.

4- خصص وقتا للراحة، ولا تهمل حاجتك للنوم والاسترخاء، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن لنفسك عليك حقا" [رواه البخاري].

5- احرص على تقييم اليوم قبل النوم، راجع يومك: ما الذي أنجزته؟ وما الذي يمكن تحسينه غدا؟ وتذكر أن التوازن بين العمل والراحة يعزز الصحة النفسية، قال الله تعالى: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} [سورة البقرة: 286]، فلا تحمل نفسك فوق طاقتها، وذكر نفسك دائما بأهدافك الكبرى، مثل: رضا الله، والنجاح في دراستك، وخدمة أمتك.

تأمل في حياة الإمام النووي -رحمه الله-، الذي كان يخصص وقته بين طلب العلم والعبادة والتأليف، كان ينام قليلا جدا، ويقسم يومه بدقة، مما جعله يترك إرثا علميا عظيما رغم قصر عمره، واليوم تجد كتابه رياض الصالحين، يقرأ في كل مسجد تقريبا.

أسأل الله أن يوفقك في تنظيم وقتك، وأن يبارك في عمرك وعلمك، وتذكر أن النجاح الحقيقي هو في رضا الله والعمل لما بعد الموت.

اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء أحزاننا، وذهاب همومنا وغمومنا، اللهم بارك لنا في أوقاتنا وأعمارنا، ووفقنا لما تحب وترضى.

مواد ذات صلة

الاستشارات