كيف أتخلص من الوساوس ومخاوف المستقبل؟

0 5

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة في الرابعة والعشرين من عمري، أدرس الطب البشري، وسأتخرج قريبا، خطبت لشاب يعمل طبيبا أيضا، ومنذ خطبتي، وأنا أجاهد الأفكار والتخيلات السلبية بشأن المستقبل.

خاطبي يتحلى بالخلق والدين، ولا أشعر أن هناك ما ينقصه، أما أنا فعندما أنظر إلى نفسي، أشعر أنني مليئة بالعيوب، سواء الحالية منها، أو المحتملة في المستقبل، حاولت التخلص من الأفكار السلبية، لكنني لا أستطيع؛ إذ تهاجمني غالبا قبل النوم، فتصيبني بالأرق، وتستمر في ذهني لعدة أيام، ولا تزول إلا إذا شغلت نفسي بفكرة أخرى، ثم لا تلبث تلك المخاوف أن تعود من جديد.

غالبا ما تأتيني هذه الأفكار من أي شيء أقرؤه أو أسمعه، فأسقطه على نفسي فورا، على سبيل المثال: إذا قرأت قصة فتاة لم ترزق بالأطفال فتركها زوجها، ينتابني الخوف من ألا أنجب يوما، وإذا سمعت عن فتاة كشف سترها بسبب خطأ في ماضيها فدمر زواجها، ينتابني القلق من أن يحدث لي أمر مشابه.

أبحث عن كلام يطمئن قلبي، وطريقة تمنعني من الاسترسال مع هذه الأفكار، لقد جربت كثيرا من الوسائل التي ذكرتموها للناس، لكنها لم تجد نفعا كبيرا معي.

أشعر دوما أنني بحاجة إلى ضمانات، لأتمكن من نسيان الفكرة السلبية؛ أي أنني أبحث عن إثباتات وتأكيدات تثبت أن هذه الفكرة خاطئة ولن تحدث، حتى يطمئن قلبي، ولكن من الصعب جدا الحصول على مثل هذه الضمانات في كثير من الأمور، فأرجو منكم مساعدتي في إيجاد الحل.

ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رند حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بداية نشكر لك ثقتك في طلب استشارتك من موقع اسلام ويب، ونسأل الله أن يشرح صدرك، ويطمئن قلبك، ويبارك لك في خطبتك.

من خلال رسالتك يظهر بوضوح أنك فتاة تتمتعين بقدر من الوعي والإدراك، وأن مشكلتك لا تكمن في ضعف الإيمان أو قلة الفهم، وإنما في أسلوب التفكير، وطريقة التعامل مع الخواطر الذهنية التي تراودك من حين لآخر، ونحن نتفهم طبيعة ما تمرين به؛ فالأفكار التي ذكرتها تندرج تحت ما يعرف بالوساوس القهرية، أو القلق التوقعي، وهي ليست دليلا على ضعفك، بل على فرط حساسيتك، وحرصك على أن يكون مستقبلك آمنا.

ما يميز هذه الأفكار أنها تأتي في لحظات الهدوء، خاصة عند الاستعداد للنوم، وتتغذى على أي قصة أو موقف تسمعينه، ثم تلح عليك وتدفعك للبحث عن ضمانات وتأكيدات حتى تطمئني، وهذه طبيعة الوسواس، يطلب يقينا كاملا، في حين أن طبيعة الحياة تقوم أصلا على قدر من الغيب لا يعلمه إلا الله.

ولمواجهة هذه الأفكار ننصحك بما يلي:
1- تقبل فكرة عدم اليقين المطلق: ليس من الممكن الحصول على ضمانات كاملة للمستقبل لأمور مثل: الزواج، الإنجاب، الصحة، الرزق، فكلها بيد الله، والبحث عن يقين مطلق يوقعك في دوامة لا تنتهي، وما عليك إلا أن تأخذي بالأسباب وترك النتائج لله.

2- إيقاف الاسترسال والاستغراق في الأفكار التي تسيطر على تفكيرك، فعندما تطرأ الفكرة لا تدخلي معها في نقاش، ولا تبحثي عن أدلة وبراهين، بل قولي لنفسك: هذه مجرد وسوسة، لن أجادلها، ثم حولي انتباهك فورا إلى عمل أو نشاط آخر مفيد.

3- التعرض مع منع الاستجابة: لو جاءتك فكرة مثل: ماذا لو لم أنجب؟ فلا تحاولي طردها بالقوة، بل تجاهليها وعيشي يومك بصورة طبيعية، ولا تبحثي عن دليل أو قصة تطمئنك، ومع التكرار، ستضعف الفكرة وتنطفئ، لأنها لا تجد منك استجابة.

4- تقبل أن واقع الحياة يخلو من المثالية المطلقة، فأنت لا تخافين من الأحداث ذاتها، عدم الإنجاب، أو كشف ستر، بقدر ما تخافين من فكرة عدم احتمال الألم أو الفضيحة مستقبلا، بينما الواقع يشير إلى أن الإنسان قادر على التكيف مع كل ابتلاء، إذا استند إلى إيمانه بالله وصبره.

5- حاولي شغل وقتك بما ينفعك في دراستك وحياتك، وابتعدي عن السهر الطويل، واهتمي بالرياضة والنشاط البدني، وكثفي جهدك في الاطلاع والتميز في مجالك الطبي، فالانشغال يقلل مساحة الاسترسال مع الأفكار المزعجة.

6- يمكن الاستعانة بجلسات العلاج المعرفي السلوكي، لدى مختص نفسي، فهي فعالة جدا في علاج مثل هذه الأفكار.

7- اجعلي لك وردا ثابتا من القرآن، وحافظي على أذكار الصباح والمساء، وأذكار النوم، فهي أمان وطمأنينة، وتذكري قوله تعالى: {ألا بذكر الله تطمئن القلوب}.

اطمئني فأنت على خير، وخطيبك على خلق ودين، وكل ما تخشينه مجرد ظنون لا حقيقة لها، توكلي على الله، وأقبلي على حياتك الجديدة بثقة ورضا.

وللفائدة راجعي الاستشارات المرتبطة: (286374 - 2306289).

نسأل الله أن يبارك لكما، ويرزقكما السعادة والطمأنينة، والذرية الصالحة.

مواد ذات صلة

الاستشارات