السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب أبلغ من العمر 16 سنة، وأعاني من الاكتئاب منذ حوالي 9 أشهر، وقد أثر ذلك علي كثيرا، ومن ضمن ذلك كثرة الخمول والكسل بشكل غير طبيعي، وكثرة النوم، وضعف التركيز والذاكرة بشكل ملحوظ.
فمثلا: إذا طلب مني شخص أن أضع شيئا في مكان معين، أذهب لأضعه، وبعد مدة يسألني أين وضعته، أنسى تماما، كما أثر ذلك على درجاتي الدراسية بسبب ضعف ذاكرتي وتركيزي، وأصبحت أكره الدراسة.
ثم جاءت الإجازة التي كنت أترقبها؛ حيث كنت أريد أن أنجز خلالها الكثير، مثل تعلم اللغة الإنجليزية التي لا أعرف عنها شيئا، وهي مطلوبة في التخصص الذي أرغب فيه، وكانت فرصتي الأخيرة لذلك.
جهزت نفسي للإجازة قبل أن يصيبني الاكتئاب، لكن أعراض الاكتئاب -من حزن دائم، وتعب، ونسيان، وكسل- حالت دون استفادتي منها، وضاعت الإجازة بدون فائدة.
والآن، ومع اقتراب موعد الدراسة، أشعر بالحزن الشديد، وأتمنى أحيانا أن أغادر هذه الحياة، وأحس أنني مجرد شخص بلا فائدة، وأن الحزن يقتلني.
أود ترك الدراسة لأنها أصبحت أكرهها بشدة، ولا أظن أن لدي الطاقة لمواصلة تحملها، وأجزم بأن الله وحده القادر على الشفاء، وأسأله العون، وأعلم أنكم هنا للاستشارة والدعم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ زياد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك بني عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال.
نعم، فهمت من سؤالك (بني) أنك تعاني مما وصفته بالاكتئاب، وما أثر فيك هو كثرة الخمول والكسل، وضعف الذاكرة والتركيز.
بني، نعم، يمكن للاكتئاب النفسي أن يضعف القدرة على التركيز، وبالتالي بعد أن تقوم بعمل ما - سواء عملا يدويا أو الدراسة - تجد نفسك غير قادر على تذكر ما قمت به، ليس لأنك تعاني من مشكلة في الذاكرة، وإنما بسبب ضعف التركيز، أي إنك عندما قمت بهذا العمل -سواء القراءة أو غيرها- فإن ذاكرتك لم تسجل ما قرأت؛ لأن انتباهك ضعيف، وخاصة وأنت في هذا السن اليافع، فأستبعد أن تكون لديك مشكلة في الذاكرة، وإنما هي مشكلة في القدرة على التركيز.
بني: نحن نقول عادة إنه لا يمكن أن نعالج من دون تشخيص، فهل حقيقة ما تعاني منه هو الاكتئاب النفسي، والذي يحتاج إلى فحص وتشخيص ومن ثم علاج؟ أم هو أمر آخر؟
دعني أسألك (بني) كيف علاقتك مع الأجهزة الإلكترونية، من الجوال ووسائل التواصل الاجتماعي؟ هل هي متوازنة معتدلة؟ أم أنك مفرط في هذه العلاقة؟
الأمر الآخر: دعني أسألك، كيف هو نومك؟ هل تنام ساعات كافية في الليل وتستيقظ في الصباح؟ أم أن نومك أيضا غير متزن أو مضطرب؟
لذلك أنصحك (بني) وقبل أن تتخذ قرارا يتعلق بدراستك أو مستقبلك، بأن تؤجل الأمر؛ فنحن عادة ننصح أن الإنسان عندما لا يكون مرتاحا مع نفسه بسبب توتر أو ضغط أو اكتئاب، ألا يتخذ قرارا قد يندم عليه.
لذلك أرجو أن تؤجل اتخاذ قرارك بترك الدراسة، وإنما تبدأ بأخذ موعد مع أقرب عيادة للصحة النفسية، ليقوم الطبيب النفسي أولا بفحص الحالة النفسية ووضع التشخيص المناسب: هل هو الاكتئاب؟ أم أمر آخر قد يكون عضويا أو نفسيا؟ وأترك هذا للطبيب الذي سيقوم بإجراء الفحص اللازم.
ومن ثم، بعد أن يضع التشخيص، سيشرح لك الخطة العلاجية التي - بإذن الله عز وجل - ستحسن المزاج، ويذهب عنك الاكتئاب، وتصبح قدرتك على التركيز والانتباه أفضل، وبالتالي تستطيع أن تتابع حياتك كما تتمنى وترضى.
لا ننسى أن الحياة نعمة عظيمة من الله عز وجل، ولكن إن أصابنا مرض أو داء فعلينا أن نطلب العلاج، ونبينا ﷺ يدعونا فيقول: تداووا عباد الله، فإنه ما أنزل الله من داء إلا وأنزل له دواء، وكما أن هذا ينطبق على الأمراض البدنية، فإنه ينطبق أيضا على الأمراض النفسية، سواء اكتئاب أو غيره.
أدعو الله تعالى لك بتمام الصحة والعافية، وأرجو أن نسمع أخبارك الطيبة وأخبار نجاحاتك بإذن الله عز وجل.