كيف التعامل مع من يلقي عليك السلام بطريقة مستفزة؟

0 13

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أحدهم سبق وأن سلمت عليه مرارا، لم يكن يرد السلام، وبعد هذه المواقف توقفت عن إلقاء السلام عليه؛ لأنه لا يرد السلام.

ثم لاحقا بدأ يسلم علي إن مررت به، فأصبحت أرد عليه السلام، لكن بعد ذلك بدا وكأنه يتلاعب بي، أو يختبرني، ودون أي إساءة مني فقد مر بي ذات مرة وألقى السلام بطريقة سيئة ومستفزة.

فما نصيحتكم: هل أرد عليه السلام؟ وكيف يكون الرد لو سلم علي بطريقة سيئة؟ وإذا لم أرد، ربما يقال عني إنني لا أرد السلام، أو ينقل عني كلام غير صحيح، وكيف أتعامل مع هذا الشخص، ومع المتلاعبين في المجتمع مثله، مع الحفاظ على كرامتي ونفسي؟

خالص دعواتي لكم، وأرجو نشر استشارتي في الموقع وعدم حجبها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ahmad حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أخي الكريم: أسأل الله أن يرزقك الحكمة في التعامل مع الناس، وأن يوفقك لما فيه الخير في دينك ودنياك.

إن ما تواجهه من مواقف مع هذا الشخص قد يكون محيرا ومزعجا، خاصة عندما يتعلق الأمر بأدب الإسلام العظيم في السلام، وسأحاول أن أقدم لك نصيحة شاملة مستندة إلى تعاليم الإسلام ومبادئه، مع مراعاة الحفاظ على كرامتك ونفسيتك:

أولا: فضل السلام في الإسلام عظيم، فالإسلام يعظم شأن السلام ويجعله من أعظم شعائر الدين، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أفشوا السلام بينكم" [رواه مسلم]، والسلام هو مفتاح المحبة بين المسلمين، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: "لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم" [رواه مسلم].

لذا: السلام هو عبادة، وأجرها عظيم عند الله، بغض النظر عن رد فعل الطرف الآخر، ورد السلام واجب، قال الله تعالى: "وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها" {سورة النساء: 86}، وهذا يعني أن رد السلام واجب، حتى لو كان الشخص الآخر قد أساء في طريقة سلامه، كما أن الإسلام يدعو إلى مقابلة الإساءة بالإحسان، قال الله تعالى: "ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم" [سورة فصلت: 34)]، وهذا يشمل الرد على السلام بطريقة لائقة؛ حتى لو كان الشخص الآخر قد أساء.

ويؤثر عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه قال: "ليس العاقل الذي يعرف الخير من الشر، ولكن العاقل الذي يعرف خير الشرين"، ففي بعض الأحيان، قد يكون اختيار الرد بأدب هو خير الشرين؛ لتجنب الفتنة أو سوء الظن.

ماذا تفعل في مثل هذه الحالة؟
- إذا سلم عليك بطريقة سيئة، رد السلام بأدب وهدوء، مثل أن تقول: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، لا تدع أسلوبه السيئ يؤثر على ردك، لأنك تفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله.

- إذا كنت تمر به، فلا بأس أن تبدأ بالسلام، حتى لو كنت تتوقع أنه قد لا يرد، افعل ذلك بنية إحياء السنة وكسب الأجر، وإذا لم يرد، فالأجر لك وحدك.

- إذا شعرت أنه يتلاعب أو أنه يحاول استفزازك، فلا تنجر إلى الرد بالمثل، كن ثابتا في أخلاقك، وابتعد عن الجدال أو المواجهة غير الضرورية.

- إذا استمر في التصرف بطريقة غير لائقة، يمكنك تقليل التواصل معه دون أن تقطع السلام، الإسلام لا يفرض عليك أن تكون قريبا من كل شخص، ولكن يحثك على حفظ الحقوق الأساسية مثل السلام.

- لا تهتم كثيرا بما قد ينقله عنك من كلام، وركز على نيتك وأفعالك أمام الله، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من أرضى الناس بسخط الله، سخط الله عليه وأسخط عليه الناس" [رواه ابن حبان].

- لا تدع تصرفات الآخرين تؤثر على يقينك وإيمانك بالله، وذكر نفسك دائما بأنك مسؤول عن أفعالك فقط، وليس عن ردود أفعال الآخرين.

- الأشخاص المتلاعبون غالبا ما يسعون لإثارة ردود فعل معينة، فتجاهل محاولاتهم، وركز على ما يرضي الله.

- اجعل نيتك في السلام خالصة لله، وليس لإرضاء الناس، أو تجنب كلامهم.

ختاما: أسأل الله أن يرزقك الحكمة في التعامل مع الناس، وأن يجعل أخلاقك نورا يهديك في كل موقف، وتذكر أن السلام عبادة، وأن حسن الخلق مع الناس هو من أعظم القربات إلى الله، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا" [رواه الترمذي].

وفقك الله.

مواد ذات صلة

الاستشارات