السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا أم لأربعة أطفال، وزوجي توفي منذ مدة قصيرة، وأنا كنت شديدة في تربية أبنائي، وأمنعهم من كثير من الأمور المحرمة، مثل: الموسيقى، واللباس الفاحش، والبرامج المبتذلة، وأعياد الميلاد، والحفلات، وبرامج الأطفال غير المفيدة، والألعاب على الموبايل، وأتابعهم في الصلاة، ولكني في أغلب الوقت أكون انفعالية جدا، بالأخص في هذه الأمور!
أشعر أني سيئة الخلق، مع أني كل يوم أتوب إلى الله، ولكن لا أستطيع السيطرة على نفسي من الغضب، والغضب -سبحان الله- يكون دائما فيه صوت عال، وكلام غير جيد، مع أني أعلم أن هذا الشيء حرام، ولكن عندما أغضب أتلفظ بكلمات بذيئة، وعندما يذهب عني الغضب أندم كثيرا وأتوب إلى الله، لكن بعد فترة أعود لنفس الشيء.
دائما أتقدم لأولادي بالنصائح والتعليم، وأنا دائما أقرأ القرآن أمامهم حتى يتعلموا، لكن الآن أشعر أن أبنائي ضجروا مني بسبب الشدة عليهم؛ ولأني أنفعل بسرعة، ولم يعودوا يستجيبون لي، ويحبون تقليد البيئة المحيطة، وأنا لا أرضى بهذا الأمر، ولا أتهاون معهم بتأجيل الصلاة.
أنا أريد أن أكسب أجر تربيتهم؛ لأنهم أيتام، وأشعر أني ضعيفة جدا، لا أعلم لماذا؟!
فما نصيحتكم لي حتى أتفادى الغضب؟ وكيف أرغب أولادي بالدين وأتمسك بتربيتهم تربية حسنة؟ لأني أشعر أنني بمعاملتي هذه معهم أفسد نفسي وأفسدهم، ولا أستطيع التحكم بنفسي، وأريد أن أنال الثواب بكفالتهم وتربيتهم.
والله ولي التوفيق.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ لطيفة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
كتب الله لك الأجر والثواب في تربية الأولاد، ولا سيما ما ابتلي به بعض الشباب ذكورا وإناثا من الأمور التي يتساهل فيها الناس، مثل: الموسيقى، واللباس الفاحش، والبرامج المبتذلة، وأعياد الميلاد. كل ذلك تشكرين عليه، وهذا في مصلحة تربية الأولاد، لكن حاولي تجنب الغضب والانفعال الزائد عن حده، فقد ينقلب الأمر إلى ضده، وقد جبلت النفوس على محبة من أحسن إليها، والله تعالى يقول في محكم التنزيل: (وقولوا للناس حسنا)، وهذا يعم أولادك والآخرين.
وفي حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما كان الرفق في شيء إلا زانه ولا نزع من شيء إلا شانه) رواه مسلم، فالرفق في الأمور، والرفق بالناس، وقبل ذلك أولادك، ولين الجانب، والتيسير من جواهر عقود الأخلاق، وهي من صفات الكمال، والله سبحانه وتعالى رفيق يحب من عباده الرفق، والرفق هو لين الجانب في القول والفعل، والأخذ بالأسهل وهو ضد العنف، فعليك بالتحلي بالرفق واللين في القول والعمل، وعدم الغضب؛ فإن الغضب له عواقب وخيمة، وقد جاء في الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (أن رجلا قال: يا رسول الله أوصني، قال: لا تغضب، فردد مرارا، قال: لا تغضب) أخرجه البخاري.
وانظري -أختي الكريمة- إلى سلبيات الغضب التي ذكرتها في الرسالة؛ مما يحدث مصاحبا للغضب من رفع الصوت العالي تجاه أولادك، والكلام غير الجيد، والتلفظ بالكلمات البذيئة -حسب تعبيرك في الرسالة-، كل ذلك يجعل الإنسان منا يراجع نفسه في مسألة الغضب، فتغلبي على الغضب بالهدوء والتعقل، وأنصحك بالأخذ بنصيحة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند الغضب، فعن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع) صحيح أبي داود، وكذلك قول الرسول -صلى الله عليه وسلم- للرجل الذي غضب على صاحبه، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) متفق عليه.
فنصيحتي أن تستعملي اللين والترغيب، وتستعملي التحفيز لأولادك بهدايا تحفيزية وذلك أدعى للقبول، وبذلك تكسبين محبة أولادك لك، وإلا فإنك إن استمررت على هذه الشدة والعنف فقد يسأمون منك ويتضجرون -كما أشرت إلى ذلك في رسالتك-، فاستدركي هذا الأمر قبل فوات الأوان، وعليك بالصبر والثبات والتأني في الأمور، والدعاء لهم بالخير، واستعيني بالصبر والصلاة، ولا سيما وقد ذكرت أنك صاحبة قرآن، فاحتسبي الأجر عند الله سبحانه وتعالى، فلعل الله أن يعوضك بأولادك خيرا كثيرا.
وأخيرا: أسأل الله تعالى أن يوفقك لتربية أولادك، وأن يبعد عنك الغضب، وأن يرزقك الرفق والتأني، وأن يبارك لك في أولادك، آمين.