السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كنت على تواصل مع زميل في حدود ما تقتضيه طبيعة العمل المشترك، ولم تكن بيننا أي علاقة أو صداقة خارج هذا الإطار، وبحكم قلة خبرتي وضيق نطاق تعاملي مع الناس، كنت أحسن الظن به، ولا سيما أنه كان يظهر اهتماما بي، ويتحدث معي بكلام يوحي بعشم زائد، وإن لم يكن كلاما صريحا أو فيه فحش، والحمد لله.
ومع مرور الوقت، ظننت أنه يبادلني مشاعر معينة، خصوصا بعدما بلغني أنه علم من أحد الأشخاص أني معجبة به، فلم ينف ذلك، ولم يضع حدودا فاصلة، بل استمر في الحديث معي بالأسلوب نفسه، مما جعلني أتوهم أن لديه نية للارتباط أو ما يشبه ذلك، وقد استمر هذا التواصل بالطريقة ذاتها حتى بعد انقضاء العمل الذي جمعنا، مما زاد يقيني بأن الأمر يتجاوز مجرد زمالة عابرة.
ثم انقطع عني فجأة بدعوى أنه يريد التقرب إلى الله والابتعاد عن الذنوب، وهذا أمر أحترمه وأدعو الله أن يهديه ويهديني، غير أنني أشعر في داخلي بضيق شديد، إذ أعتقد أنه استغل مشاعري بصورة أو بأخرى، والله أعلم أني قد أكون مخطئة، ولا أبرر خطئي، لكن ما بي من ضيق لا يوصف، فهل من حقي أن أشعر بالضيق منه؟ وهل يعد ما فعله استغلالا لمشاعري؟
ملاحظة: لا أنوي الدعاء عليه، ولكن أريد أن أعرف: هل لي حق عند هذا الرجل، فأدعو الله أن يرده إلي؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أسماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أقدر ما تعانينه من ضيق، واعترافك بخطأ تواصلك مع هذا الرجل، بالرغم من أنه كان بسبب العمل، وكونك عرفت أن هذا التواصل كان خطأ، يدل على إيمانك، ولا سيما أنك دعوت بالهداية لك وله، ومساهمة مني في التجاوب مع أسئلتك الواردة في رسالتك، مع وضع بعض الحلول، أقول الآتي:
أولا: دائما نقول إن الأصل في التواصل بين الرجل والمرأة في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي هو عدم الجواز، وأنه من خطوات الشيطان ويفتح باب الفتنة، وإذا كان الأمر في إطار العمل والمصلحة، فلا ينبغي التوسع فيه؛ لأن الإنسان ضعيف، ولا سيما المرأة؛ فإنها تتأثر بالكلام، فلا بد من سد الذريعة.
ثانيا: بالنسبة لشعورك بالضيق، فالإنسان بطبيعته يشعر بالضيق حينما لا تلائمه الأحوال، وهذا شيء طبيعي، لكن حاولي مدافعة هذا الضيق بالأعراض عن هذا الرجل وعن التفكير فيه، وأيضا باللجوء إلى الدعاء.
وهناك أدعية خاصة ستكون -إن شاء الله- سببا في إبعاد الضيق وإزالة الكرب، منها:
1. "اللهم إني عبدك، وابن عبدك، ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي، وغمي"، فمن قال ذلك "أذهب الله عز وجل همه، وأبدله مكان حزنه فرحا" (أخرجه أحمد وصححه الألباني).
2. " اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت" (أخرجه أبو داود وصححه الألباني).
3. "اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن وضلع الدين وغلبة الرجال" (رواه البخاري).
ثالثا: سؤالك عما إذا كان ما فعله يعد استغلالا لمشاعرك، فالجواب: إن كان قصده ذلك وقد أفرط في الكلام معك، فهو محاسب عند الله على استغلال مشاعر الآخرين، بل يعد ظلما يؤاخذ عليه الإنسان، كما قال تعالى: {ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤلا} (الإسراء:36).
رابعا: سؤالك عن حقك عليه، فالجواب: لا، لأنه لم يفصح عن نيته بالارتباط بك بالزواج، ولذلك أنصحك: إن لم يرد الارتباط بالزواج بك، فأعرضي عنه، وانسي الأمر، ولا ينبغي للعاقلة مثلك أن تربط نفسها بأوهام تمرضها، أو تتعلق برجل لا يريد الزواج بها، وهذا من العبث، ولعل الرجل مرتبط بأخرى، أو لا يريد الزواج حاليا، والأفضل نسيانه وترك التواصل معه، وعسى الله أن يرزقك خيرا منه، مع الاستفادة من هذه التجربة، وعدم فتح المجال مع الرجال، والحذر من ذلك.
وفي الختام: أسأل الله تعالى أن يبعد عنك الضيق والكرب، وأن يسعدك بزوج صالح، اللهم آمين.