السؤال
السلام عليكم.
أنا رجل متزوج، وأب لولد وبنتين، أعمل بدخل يغطي معظم مصاريف المنزل، زوجتي كذلك لديها عملها ودخلها الخاص، في الأوقات العادية أراها متزنة ولا تتحدث كثيرا عن الإنفاق على المنزل، أو الأبناء، لكن حين أتعثر ماليا، كأن تزداد مصاريف الأولاد أو المدرسة، لا تكتفي بعدم مساعدتي، بل توجه لي الاتهامات بالتقصير، وتطالبني بالعمل في أكثر من وظيفة، وتحسين دخلي، بحجة أنها تدعمني بكلامها هذا.
في المقابل ترفض دعمي ماليا بحجة أنها لا تأتمنني، ولا تثق بي كزوج مخلص ومقدر للحياة الزوجية، أشعر بإهانة كبيرة لاختيارها وقت الضيق؛ لتكثيف النصائح واللوم، بحجة أنني لا أستمع إليها، وهذا ما يجعلها ترفض المشاركة في مصاريف الأبناء.
أنا لا أطلب مالها، وأدرك تماما أن الإنفاق ليس من مسؤوليتها، لكنني أشعر أيضا بأنها لا يمكن أن تكون سندا لي في الحياة حين أتعثر، تصرفها هذا يخلق بيننا فجوة لا أستطيع تجاوزها، وكل موقف يزيد هذه الفجوة عمقا، ماذا أفعل؟ وما النصيحة التي يمكن أن تساعدني؟
وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أيها الأخ الكريم- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، وقد أسعدنا حمدك لله -تبارك وتعالى-، والثناء عليه أن يسر لك أمر الرزق، وأعانك على ممارسة حياتك، والإنفاق على أولادك وأسرتك، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يبارك لنا ولكم في أرزاقنا وأولادنا وأموالنا.
وكنا ننتظر من الزوجة أن تلتزم الصمت، أو أن تعينك بمالها، أما أن يكون الأمر كما أشرت مجرد نصائح، ومجرد لوم وعتاب في لحظات الهبوط التي تعاني منها، فنتمنى أن تكف عن هذا السلوك، وأسعدنا أيضا يقينك أن الإنفاق من واجبات الرجل، ونحن نتمنى أيضا ألا يحتاج الرجل أموال زوجته، ونحب أن نقول: إذا ساعدت الزوجة زوجها فهذا لون من حسن المعاشرة، والناس يحتاجون إلى مثل هذه المواقف.
وما بينك وبين زوجتك من سوء ظن، أو عدم شعورها بأنك مخلص لها في الحياة الزوجية، أمر ينبغي أن تتداركه، وتتفادى أسبابه؛ حتى لا تتسع هذه الهوة التي بينك وبينها، وإذا كانت لا تريد أن تساعد بمالها، فليس من المصلحة أن تطلق لسانها، والإنسان في وقت الأزمات لا يحتاج إلى محاضرات، ولا يحتاج إلى نصائح، وإنما يحتاج إلى من يمد له يد العون.
وندعوك أيضا إلى معرفة فضلها، وتذكر الإحسان وإن كان قليلا، فإن هذا الوفاء قد يكون له أثر في تغيير هذه الصورة السالبة -التي نتمنى أن تتغير-، وإذا كانت قد اعتادت هذا اللوم في أيام الهبوط المالي، وأيام الأزمات، فأرجو ألا تدع الشيطان يضخم هذه الأمور، فإن هم الشيطان أن يغرس العداوة والبغضاء، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يغنيك بفضله عمن سواه، واجتهد في القيام بما عليك، واسأل الله توفيقه والسداد، وثق أن الأموال التي تأتي للزوجة في النهاية ستكون رصيدا لهذه الأسرة.
ونحن قطعا لا نؤيد هذا الذي يحدث منها، ولكن أعجبنا وأسعدنا أنك تكرر أنه لا دخل لها في الإنفاق، وهذا هو المعنى الصحيح، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يعينك على الخير، وأن يعين هذه الزوجة لتكون سندا ومعينا لك، فإن في هذا مصلحة لها ولحياتها الزوجية، بل مثل هذه المواقف هي التي تصنع الوفاء، هي التي تبدل الصورة في مثل هذه الأسر التي يحدث فيها تشويش في أمر الثقة، والثقة إنما تعود بمثل هذه المواقف.
ونتمنى أن تشجع تواصلها مع الموقع حتى نستمع لما عندها، وتسمع هي أيضا النصائح من طرف محايد، ونسأل الله أن يؤلف في القلوب، وأن يغفر الزلات والذنوب.