السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعاني من مشكلات كثيرة بسبب انعدام الثقة بالنفس، والافتقار إلى مهارات التحدث والإلقاء، فلا أستطيع أن أتحدث بطلاقة حتى أمام نفسي، ولا أتمكن من التعبير عن مشاعري لأقرب الناس إلي، بل ولنفسي أيضا، وحينما أحاول ذلك أبدأ بالبكاء بشكل تلقائي.
كما أعاني من توتر شديد عند التحدث مع شخص ينصت إلي، حتى إنه إذا أرسل لي أحدهم رسالة أقوم بإغلاق الإنترنت، ثم أقرأ الرسالة أكثر من مرة، وأحيانا أستغرق وقتا طويلا قد يقارب الساعة في كتابة رد لا يستغرق أكثر من ثلاث دقائق.
دائما أشعر أنني مخطئة في حق الطرف الآخر، وأنني مذنبة، ويجب علي الاعتذار، حتى ولو لم أخطئ في حقه، فما الحل جزاكم الله خيرا؟
أعتذر كثيرا عن الإطالة، بارك الله فيكم ونفع بكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ زينب حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك (بنيتي) عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال، وبارك الله فيك، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
من الواضح أنك شديدة الحساسية وتميلين إلى الاعتذار، سواء كان هناك سبب للاعتذار أم لا يوجد، فها أنت هنا في سؤالك هذا تعتذرين جدا جدا، -كما ورد في كلامك- عن الاطالة في سؤالك، مع أنه ليس بالسؤال الطويل، بل سؤال مقتضب، وسؤال مركز، وسؤال ينم عن شخصية تحب الإتقان والعمل، وهذه نعمة، فالنبي ﷺ يقول معلما لنا: إن الله عز وجل كتب الإحسان على كل شيء.
فواضح من سؤالك وطريقة كتابتك له؛ أنك متقنة في عملك، ولكن ربما عندك ميل أو نزعة للمبالغة بإتقان العمل، ونسميها أحيانا (نزعة الكمال)، وطبعا الكمال لله عز وجل، وكلنا مقصر، وكل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون.
واضح أيضا (بنيتي) من سؤالك أنك عند الرد على رسالة أحد ما؛ تأخذين وقتا طويلا، وهذا يصب في نفس الموضوع، أنك تخشين أن تخطئي في حق الآخرين، فتعيدين وتقرئين، وتعيدين مجددا، وهكذا حتى يمضي الوقت.
بنيتي، إنك ما زلت في هذا السن الفتي، وأنت في السادسة عشرة من العمر؛ فلا شك أنك ستتعلمين المهارات هذه التي ذكرت أنك تفتقدين إليها، وستتعلمينها وتكسبينها من خلال الخبرة.
بنيتي، واضح في أول سؤالك أن ما لديك يكاد يشبه الرهاب الاجتماعي، أو الارتباك الاجتماعي، حيث تجدين صعوبة في الحديث أو الإلقاء على الآخرين، فربما هذا له علاقة بسنك الصغير، وبطريقة التربية التي نشأت عليها، ولكن أنا متأكد - بإذن الله عز وجل - طالما أنك حريصة أنك ستتجاوزين هذا، ليس من خلال تجنب هذه المواقف التي توترك وتتأثرين منها، وإنما عن طريق مواجهة مثل هذه المواقف، فالتجنب لا يحل المشكلة، وإنما يزيدها تعقيدا، فتصبح مشكلة مزمنة.
فماذا عليك أن تفعلي الآن بنيتي؟
أن تقدمي على مثل هذه المواقف، بالرغم من أنها ستكون مقلقة وموترة لك في البداية، ولكن من خلال الممارسة ستصبحين - كبقية الفتيات في المدرسة - تتحدثين بطلاقة وارتياح.
أيضا يفيدك (بنيتي) أن تقومي ببعض التدريبات، بأن تقفي أمام المرآة، وتلقي شعرا، أو تقرئي نصا من كتاب بصوت جهوري، وأنت واثقة من نفسك، فسوف تعتادين على هذا، وستجدين الإلقاء والحديث أمام الآخرين أسهل من الوقت الحالي الذي أنت فيه.
ويمكنك أيضا أن تستعيني بصديقة - أو قريبة، أو أحد أفراد الأسرة - لتلقي أمامها شيئا أو قراءة نص، فهذا أيضا يعطيك الجرأة والثقة بنفسك.
أدعو الله تعالى أن يشرح صدرك، وييسر أمرك، ويجعلك ليس فقط من الناجحات، بل من المتفوقات.