تقدم لخطبتي كثيرون غير ملتزمين، فهل أقبل بهذا الصنف؟

0 4

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة في الثامنة والعشرين من عمري، وقد تقدم لخطبتي كثيرون، لكن معظمهم يستمعون إلى الأغاني، أو يتساهلون في تعاملهم مع قريباتهم وزميلاتهم.

أما أنا، فبفضل الله لا أستمع إلى الأغاني، ولا أشاهد المسلسلات، ولا أحضر الأفراح، وألتزم بالضوابط الشرعية في التعامل مع الرجال، وأسعى لطلب العلم الشرعي باستمرار.

كنت أتمنى أن أرتبط بشخص مثلي أو أعلى مني في الالتزام الديني، وأن يكون متواضعا وخلوقا، ومن عائلة طيبة، لكن للأسف، جميع من تقدموا لي لا تنطبق عليهم هذه المواصفات.

آخر شاب تقدم لخطبتي، جلسنا جلسة الرؤية الشرعية، ويبدو لي أنه طيب وصادق وعفيف اللسان، ومستواه الاجتماعي والتعليمي قريب مني.

من خلال كلامه ومن ملفه الشخصي على فيسبوك، لاحظت أنه يحب الله ولا ينفر من مظاهر الدين كالنقاب واللحية، ويعترف بحرمة الأغاني، لكنه يترك صلاة الفجر، وقال إنه سيحاول المواظبة عليها، كما أنه يحضر الأفراح ويسمع الأغاني أحيانا، وقال إنه انقطع عنها مرتين سابقا.

ومن خلال بحثي على مواقع التواصل، وجدت أن هناك تساهلا في تعامله مع بنات عائلته، لكن التعليقات الظاهرة بينهم تعود إلى خمس سنوات مضت، ولا تظهر له تعليقات منهن في الفترة الأخيرة.

وعندما سألته في جلسة الرؤية عن علاقته ببنات العائلة، قال إنه لم يعد يراهن بسبب انشغاله في العمل بعد التخرج، أتساءل: هل هذا النموذج هو السائد في الواقع الحالي؟

لقد رفضت الكثيرين لنفس الأسباب، لأنني أريد تربية أبنائي بعيدا عن الأغاني والأفلام، لكن العمر يمضي، والمتقدمون جميعهم أقل مني في الالتزام الديني، فهل الصواب أن أتنازل عن بعض هذه الأمور وأوافق على مثل هذا الشاب، أم أنتظر، حتى وإن لم أتزوج أبدا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك – ابنتنا الفاضلة –، وشكرا على التواصل مع الموقع، وشكرا على حسن العرض للاستشارة، وشكرا على هذه الرغبة في الخير، نسأل الله أن يسعدك، وأن يضع في طريقك من يعينك على الطاعة وتعينينه، ونسأل الله - تبارك وتعالى - الهداية لشبابنا وفتياتنا.

لا شك أن أمر الزواج من الأمور المهمة، وإذا كان هذا هو المتاح في الساحة؛ فإن المطلوب هو أن تختاري أفضل الموجودين: الشاب الذي يصلي، وعنده استعداد، وصادق، وعفيف اللسان، ومتقارب في المستوى الاجتماعي، وتوقف عن كثير من الأخطاء، ولا ينفر من مظاهر الدين كالنقاب واللحية، ويعترف بحرمة الأغاني؛ هذه ميزات كبيرة.

وواضح أن عنده استعدادا أيضا لأن يتحسن، ومثلك – بفضل الله وحوله وقوته – تؤثر على الزوج وعلى الأخ وعلى من حولها وعلى الأبناء، ونسأل الله أن يعينك على إكمال نصف الدين، فإن أمر الزواج في غاية الأهمية.

وكون الشاب يأتي ويطرق الباب ويأتي بأهله؛ فهذا دليل على جديته، ومع ذلك فإنا ندعو محارمك إلى مزيد من السؤال، وندعوك أيضا إلى أن تثبتي من البداية على هذه المعاني الشرعية، فإنهم عند ذلك سيعرفون قيمتك، وسيدخل الحياة والطريق أمامه واضح، أنك تريدين الخير، وكثير من الرجال اهتدى على يد زوجته، والبشرى لك من النبي ﷺ: لأن يهدي الله بك رجلا خير لك من حمر النعم، فكيف إذا كان الرجل هو الذي طرق الباب، واختارك من بين سائر النساء؟!

من المهم أيضا أن يساعدك المحارم في النظر في هذه الأمور، واستخيري، وشاوري من حولك، وحاولي أيضا أن تتعرفي على منبت الأسرة، فإن الزواج ليس مجرد علاقة بين شاب وفتاة، لكنه علاقة بين بيتين وبين أسرتين.

عموما، نحن لا نؤيد فكرة رد الخطاب مهما كانوا في كل الأحوال، مع عدم وجود الأفضل في الساحة، ولا نؤيد أيضا ترك الزواج للسبب المذكور، بل ليس من المصلحة أن يحصل تأخير، ونسأل الله أن يعينك على الخير.

إذا: نحن علينا أن نبحث عن الأساسيات، ثم في الشباب الذين تقدموا ننظر في أحسنهم تدينا، وفي أقربهم لقبول النصح والهداية والرغبة في التحسن، ولعل المذكور في الاستشارة – الذي هو طيب، ويحب الله، ولا ينفر من مظاهر الدين– هذا هو الأقرب، وأنت في مقام بناتنا، ونحن لا نرضى لك إلا ما فيه الخير.

نسأل الله أن يعينك على كل أمر يرضيه، والمرأة إذا أحسنت التعامل مع زوجها وأظهرت تدينها، وكان التدين مقرونا بالاحترام والقيام بحق الزوج؛ فإن هذا من المؤثرات الكبيرة على الزوج، ومن الأسباب المهمة لمزيد من التمسك ومزيد من احترام زوجته المتدينة.

نسأل الله أن يرزقكم الذرية الصالحة، وأن يعينه على ترك المخالفات، وأن يعينك على بذل الهداية والثبات عليها، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات