لم أتمكن من الحصول على المعدل المطلوب للتخصص، فما الحل؟

0 6

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب لدي معظم صفات الصلاح، من ذلك: بر الوالدين، ومعروف بأخلاقي الحميدة، وطالب للعلم، أدرس بجد ومثابرة، وأحرص على تطوير نفسي كل يوم، وأحاول -قدر استطاعتي- الالتزام بالصلاة في أوقاتها، وأحفظ القليل من القرآن الكريم، وأتوجه إلى الله بالدعاء كل يوم، وأغض بصري دائما، لا أكذب أبدا، وأتابع قضايا الأمة، خاصة قضية فلسطين، عن كثب، وأدعو لهم بالنصر كل يوم.

كما أطلب من والدي أن يدعوا لي أيضا، وأحاول نصح أخي الأصغر بالمحافظة على الصلاة، وأصطحبه أحيانا إلى المسجد حتى يعتاد الذهاب بنفسه، كما أنني محسن إلى أخواتي، وأسعى دائما للخير في كل ما أستطيع.

أنا طالب في الثانوية العامة في الأردن، درست بكل ما أوتيت من قوة، وأتقنت المواد قبل الامتحانات بشهر؛ حيث كنت قد أنهيت دراسة كل مادة على الأقل خمس مرات، وفي هذا الشهر الأخير، حللت عددا كبيرا جدا من الامتحانات المقترحة، حتى لا تكاد تحصى، وكانت جميع المؤشرات تدل على أنني سأحرز علامة تفوق.

كنت أحسب بعد كل اختبار ما لدي من أخطاء، ولم أكن أجد شيئا يذكر، لكن تبين لي لاحقا أنني ارتكبت خطأ بسيطا جدا في موضوع التعبير، في مادة اللغة العربية، وكان ذلك سببا في ضياع عدد من العلامات.

وها أنا أرى من حولي أناسا لم يدرسوا ربع ما درسته، وقد حصلوا على علامات أعلى مني بكثير، أو قريبة من علامتي، كنت أحلم أحلاما تشير إلى أن الله سيعطيني خيرا كثيرا، وأنني سأكون مختلفا عن إخوتي، وبالمناسبة حصلت على معدل 92 في مادة اللغة العربية، وأطمح إلى دراسة الطب في بلدي، ولكي أتمكن من ذلك، يجب علي أن أحرز علامة أعلى من ذلك.

على الرغم من كل الصفات الحسنة التي ذكرتها، إلا أنني أقع أحيانا ونادرا في موضوع الإباحية والعادة السرية، بمعدل مرة كل شهر أو شهرين، ولكن في كل مرة أقع فيها، أتوجه إلى الله مرة أخرى، وأطلب المغفرة، وأستغفره، وأسبحه حينها من 3000 إلى 6000 مرة في اليوم، فهل لهذا الأمر علاقة بما حصل معي؟ أو ما هو تفسيركم لما حدث لي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أخي الكريم: أسأل الله أن يبارك فيك وفي مساعيك، وأن يرزقك التوفيق والسداد في الدنيا والآخرة. لقد قرأت رسالتك بعناية، وأشعر بصدقك وإخلاصك في السعي نحو الخير والنجاح، وما تمر به هو اختبار من الله سبحانه وتعالى، وهو جزء من سنن الحياة التي يمر بها كل إنسان، وسأحاول أن أقدم لك إجابة تحقق لك المراد قدر المستطاع، مع تقديم نصائح عملية تساعدك على المضي قدما:

أولا: علينا أن نعلم أن الابتلاء جزء من حياة المؤمن، فالله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم: {ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين} [سورة البقرة: 155]، والابتلاء ليس دليلا على غضب الله، بل هو اختبار ليرى الله مدى صبرك وثباتك، وبعض الناس لا يصبر للأسف! بينما يصبر الذين ثبتهم الله.

ثانيا: قد لا ترى الحكمة الآن، ولكن الله يعلم ما هو خير لك. قال تعالى: {وعسىٰ أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسىٰ أن تحبوا شيئا وهو شر لكم وٱلله يعلم وأنتم لا تعلمون} [سورة البقرة: 216]، وربما يكون هذا التأخير في تحقيق حلمك، هو لحكمة عظيمة لا تدركها الآن.

ثالثا: وقوعك في الذنب، ثم توبتك واستغفارك هو علامة على إيمانك وحبك لله، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون" [رواه الترمذي].
وفيما يرويه الإمام مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فيما يحكي عن ربه عز وجل، قال: "أذنب عبد ذنبا، فقال: اللهم اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا، فعلم أن له ربا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنبا، فعلم أن له ربا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا، فعلم أن له ربا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، اعمل ما شئت فقد غفرت لك، قال عبد الأعلى: لا أدري أقال في الثالثة أو الرابعة: اعمل ما شئت".

فلا تجعل الشيطان يوسوس لك بأن ذنبك هو سبب ما حدث، فالله أرحم وأكرم من أن يحرم عبده التائب من الخير.

رابعا: ما حصل لك يندرج تحت الحكمة القائلة: "ما كل ما يتمنى المرء يدركه، تجري الرياح بما لا تشتهي السفن"، هذا المثل يذكرك بأن الحياة مليئة بالتحديات، وأن النجاح الحقيقي هو في كيفية التعامل مع هذه التحديات، فثق أن ما كتبه الله لك هو الخير، حتى لو لم تفهمه الآن.

وتأمل أبيات الإمام الشافعي:
دع الأيام تفعل ما تشاء
وطب نفسا إذا حكم القضاء
ولا تجزع لحادثة الليالي
فما لحوادث الدنيا بقاء

خطوات عملية للتعامل مع الموقف:
- استمر في الدعاء والتقرب إلى الله.
- ابحث عن فرص أخرى لدراسة الطب، سواء داخل بلدك أو خارجه.
- إذا لم تتمكن من تحقيق المعدل المطلوب، فكر في تخصصات أخرى قريبة من الطب، مثل: الصيدلة أو التمريض.
- قد تكون هناك فرص مستقبلية لتحويل التخصص بعد دخول الجامعة.
- اجعل توبتك صادقة، واستمر في الاستغفار.
- حاول أن تشغل وقتك بما ينفعك، مثل: الرياضة، أو تعلم مهارات جديدة.
- إذا شعرت بصعوبة في التغلب على هذا الأمر، لا تتردد في طلب المساعدة من مستشار نفسي، أو شيخ موثوق.
- تعلم من هذا الموقف أن النجاح ليس فقط في النتيجة، بل في الجهد المبذول.
- اجعل هذا التحدي دافعا لك لتطوير نفسك أكثر.

من الناحية النفسية: الشعور بالإحباط بعد بذل جهد كبير هو أمر طبيعي، لكن تذكر أن النجاح لا يقاس فقط بالنتائج، بل بالاستمرارية والإصرار.

من الناحية الإسلامية: فالله ينظر إلى نيتك وجهدك، وليس فقط إلى النتيجة. قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى" [رواه البخاري].

وفي الختام: أسأل الله أن يرزقك التوفيق والسداد، وأن يفتح لك أبواب الخير حيثما كنت، ولا تيأس، وكن على يقين أن الله معك، وتذكر دائما أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا، وأن ما تمر به الآن هو جزء من رحلتك نحو تحقيق أحلامك، فاستمر في السعي، وثق أن الله سيعوضك خيرا، والله ولي التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات