السؤال
السلام عليكم.
أعاني من نوم زوجتي المضطرب؛ فليلها نهار، ونهارها ليل؛ وذلك بسبب الوقت الذي تقضيه مع الإنترنت، علما بأن عندنا خمسة أولاد، أكبرهم فتاة عمرها 16 عاما، والصغير عمره 4 سنوات، حاولت معها مرارا بأن أشعرها بالمسؤولية الملقاة عليها كأم، ولكن دون جدوى، فكيف أتعامل معها؟ لاسيما أن هناك أولادا بيننا.
علما بأن تواجدي مع العائلة لمدة 4 أسابيع فقط، ثم أعود إلى العمل لمدة 4 أسابيع، وهكذا دواليك، أرجو المشورة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أخانا الكريم- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.
بداية: نؤكد على حرصك على إصلاح حياتك الأسرية بالرفق؛ فهذا يدل على حكمة فيك، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه"، والبيوت لا تبنى بالصراخ والخصام، وإنما تبنى بالود، والحوار الهادئ، والتعاون على البر والتقوى.
والمشكلة التي تطرحها تحتاج إلى صبر، ومعالجة متدرجة تراعي الجانب النفسي، والتربوي، والشرعي معا؛ لذلك نضع بين يديك جملة من النصائح التي نسأل الله أن ينفعك بها:
أولا: إدراك السبب قبل معالجة النتيجة: فغيابك الطويل عن البيت –كما ذكرت– قد يكون أحد أبرز الأسباب التي دفعت زوجتك لهذه العادة؛ فالوحدة والفراغ من أكبر دوافع الانشغال بما لا ينفع؛ مما نتج عن ذلك الخمول في النهار، وبالتالي التقصير في الواجبات.
فالسعي في معالجة هذا الأمر له دور كبير في حل المشكلة من خلال الاجتهاد في تغيير نمط عملك -إن أمكن-، أو البحث عن عمل تراعي فيه حقوق زوجتك وأبنائك.
ثانيا: تعظيم معنى المسؤولية الشرعية: بأن تستمر في تذكيرها –برفق ولين–، موضحا لها أن الزوجة في الإسلام مؤتمنة على بيتها وأولادها، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها"، وأن هذه الأمانة تتطلب منها أن تكون يقظة ومنتبهة لمصالح بيتها وأولادها؛ حتى لا يتسبب ذلك في فساد الأبناء، أو انحرافهم -لا قدر الله-.
ثالثا: المبادرة في الحلول المتاحة: وهي من أنفع الوسائل أن تبادر بشكل سريع في ملء فراغها، وتنظيم جدول حياتها اليومي من خلال بناء عادات إيجابية تساعدها على استعادة توازنها اليومي، كالالتحاق بحلقات تحفيظ القرآن، والدروس النافعة، والأنشطة النسائية الهادفة، بل وحتى المشاريع الأسرية الصغيرة في البيت.
رابعا: أسلوب الدعم لا اللوم: بأن تجتهد ألا تكثر من العتاب أو الجدال؛ فإنه يزرع العناد والخصام، وأشعرها أنك تريد مساعدتها، لا محاسبتها.
خامسا: دورك مهم عند الحضور: بأن تجعل وجودك في البيت موسما للدفء والسكينة، وميدانا للمشاريع العائلية النافعة، كالجلسات الحوارية، والأنشطة الجماعية، والترفيه المباح؛ فالبيت الذي يكثر فيه الخير يقل فيه الشر، ولا تجعل أيامك القليلة مع أسرتك مسرحا للنزاع، واحرص أن يكون لك أنشطة خاصة كرحلات ترفيهية، أو زيارات عائلية، أو سفر مع زوجتك وأبنائك لتكسر بها روتين حياتك اليومي، وتساعدها على استعادة توازنها الطبيعي.
أخانا الفاضل: إذا لم تجد الخطوات السابقة، فاجلس معها جلسة هادئة، تبين لها أن هذه العادة تضر بعلاقتكما، وتؤثر في تربية أولادكما، وأنكما مسؤولان أمام الله عن هذا البيت، وليكن خطابك بعيدا عن الاتهام، قريبا من التذكير بالعواقب والنتائج.
اجتهد في صناعة عادات وقوانين داخل الأسرة ينتج عنها النوم المبكر، وعدم السهر، مثل: الاتفاق على إغلاق الإنترنت في وقت مبكر، عدم استخدام الجوالات قبل النوم، وهكذا، وكن أنت القدوة في ذلك من خلال تعويد الأسرة جميعا على نظام يومي واضح.
إن استمر الأمر دون تحسن لهذه العادة، فيمكن أن تستعين بأحد من أهلها الموثوقين بحكمتهم ودينهم –كأبيها أو أخيها–؛ ليكون ناصحا لها بالتي هي أحسن.
أخيرا: أكثر من الدعاء؛ فالقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، وكن على يقين أن صلاح الزوج واستقامته سبب في صلاح الأهل والذرية، فكن صالحا في نفسك، حريصا على طاعة ربك؛ ليصلح الله لك أهل بيتك، قال تعالى: (وكان أبوهما صالحا).
نسأل الله أن يوفقك للخير.