لم أتزوج بسبب تعلقي بأمي وفقدت عملي وأصبت بالاكتئاب!

0 2

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة، اقتربت من الأربعين، ولم أتزوج حتى الآن، ولا أرغب بموضوع الزواج، وأتهرب منه، حتى هذا العمر.

لدي أخ وحيد، وأهلي لا يجبروني على شيء، ولا أعرف إن كان سيأتي الشخص الذي سيرتاح له قلبي، أم أنه أمر نفسي يجعلني أجد الأعذار للرفض والهروب من القرار، وربما بسبب تعلقي الشديد بأمي، لا أعلم! ولكن بات هذا الأمر يخنقني.

أشعر بالنقص أو أنني غير سوية بسبب نظرة المجتمع، أنا تائهة وغير سعيدة، بالرغم من دلال أهلي لي، أشعر بالاكتئاب والإحباط واليأس لعدم وجود دافع للمستقبل، ولا رغبة لي بأي شيء، وغير قادرة على اتخاذ أي قرار مصيري.

تعرضت منذ سنتين إلى اكتئاب شديد، بسبب الضغط النفسي في عملي كرئيسة قسم، وأصبحت لا أطيق الذهاب إلى عملي، ورغم ذلك وجدت صعوبة في ترك المكان الذي استمررت بالعمل فيه لمدة 12 عاما، ولجأت إلى طبيب نفسي، وساعدني كثيرا، وصف لي دواء السيروكسات، واستطعت أن أغير عملي بسهولة بفضل الدواء الذي استمررت عليه لأكثر من سنة، وبعدها أوقفته.

ولكن من فترة عاد إلي الاكتئاب والرغبة المتواصلة في البكاء، بعد أن استغنوا عني بعملي الجديد، وأنا الآن كئيبة وتائهة، والله لم أعد أرى أي شيء جميل بهذه الحياة، وليس لدي الشجاعة لاتخاذ أي قرار، وأخاف أن أفقد أهلي في المستقبل، وأبقى وحيدة.

لدي أخ واحد، ولكنه لا يعوضني عن أهلي، وأرغب بالسفر لتغيير نمط حياتي، والحصول على فرصة عمل جيدة، ولكن التعلق بأمي والعاطفة تقتلني وتدمرني، تمنعني بأن أفكر بشكل جيد في مستقبلي.

ساعدوني أرجوكم إذا كان هناك دواء أو علاج لحالتي الصعبة؛ لأن دكتوري -جزاه الله خيرا- أصبح خارج البلد، ولم أعد قادرة على التواصل معه.

شكرا لموقعكم الرائع، وأعانكم الله على جبر القلوب.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هالة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب، ونشكرك على ثقتك في هذا الموقع.

رسالتك واضحة جدا، وبالفعل أنت أوضحت بصورة جلية أنه انتابك مزاج اكتئابي فيما مضى، وتناولت عقار (زيروكسات = Seroxat)، وكانت نتائج العلاج ممتازة جدا على هذا الدواء.

الآن حالة عدم الاستقرار التي تعيشين فيها، وموضوع المزاج الاكتئابي، والتردد، أو عدم الرغبة في الزواج؛ أعتقد أن صحتك النفسية التي تحمل بعض الجوانب السلبية؛ قد تكون ساعدت على التفكير السلبي حول الزواج.

تعلقك بوالدتك أمر طيب وجميل، وسيكون فيه أيضا الكثير من البر لها، لكن الإنسان يجب أن يكون واقعيا؛ فالإنسان يجب أن يعرف أنه لا يمكن أن يتعلق بشيء، ويعطل حياته في أمور أخرى، أو إذا تعلقت بشيء لا بد أن أفسح مجالا في وجداني وفكري المعرفي لأستوعب بقية الواجبات الحياتية.

أيتها الفاضلة الكريمة: أنت بالفعل تحتاجين لعلاج دوائي، وخاصة أن سن الأربعين كثير من النساء قد يصبن فيه بهشاشة نفسية، وأنت أصلا لديك شيء من الاستعداد والقابلية للمشاعر النفسية السلبية، فتناول الدواء مبرر جدا في حالتك.

وأعتقد أن عقار (بروزاك = Prozac)، الذي يسمى (فلوكسيتين = Fluoxetine)، سيكون الدواء الأنسب بالنسبة لك؛ لأنه قليل الآثار الجانبية، لا يزيد الوزن أبدا، ولا يزيد النوم، والتوقف عنه سهل؛ حيث إنه لا يسبب أي آثار انسحابية مثل التي تحدث مع دواء مثل السيروكسات.

يمكن أن تبدئي بجرعة كبسولة 20 ملغ في الصباح لمدة أسبوعين، ثم تجعليها 40 ملغ يوميا، وهذه الجرعة العلاجية الوسطية، استمري عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضي الجرعة إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة عام مثلا، وهذه جرعة وقائية بسيطة، علما بأن الجرعة العلاجية الكلية للبروزاك هي 80 ملغ في اليوم، لكنك لست بحاجة لهذه الجرعة.

البروزاك يحتاج لأسبوعين إلى ثلاثة لتبدأ فاعليته؛ لذا أريد أن أصف لك دواء آخر يعرف باسم (دوجماتيل = Dogmatil) واسمه العلمي ( سولبرايد = Sulpiride)، أريدك أن تتناوليه بجرعة 50 ملغ صباحا لمدة ثلاثة أسابيع فقط، ثم تتوقفي عنه، وسوف يساعدك كثيرا في موضوع عدم الارتياح والقلق، لأنه دواء جيد وسريع الفاعلية، والجرعة التي وصفناها لك هي جرعة صغيرة.

أيتها الفاضلة الكريمة: بجانب العلاج الدوائي، لا بد أن تسعي لإعمال فكرك ليكون إيجابيا، إيجابيا في كل شيء، وكذلك مشاعرك وأفعالك، فأنت مهندسة، ولديك مهنة محترمة، فابحثي عن عمل، وستجدين الفرصة التي تناسبك -إن شاء الله-، وما دمت تريدين أن تكوني قريبة من والدتك فكوني مع والدتك؛ لأن هذا أيضا باب من أبواب الجنة -إن شاء الله-.

أما عن سفرك؛ فأعتقد أنك ربما ستحسين بالندم، وربما ستحسين بالتشوق المستمر لبلدك حيث توجد والدتك، لذا ففكرة السفر للخارج ربما لا تكون فكرة جيدة.

مارسي أي رياضة تناسب النساء، واجعلي لنفسك أهدافا، مثلا: ادخلي في برنامج لحفظ القرآن، أو الحصول على درجة الماجستير، أو كليهما، أو شيء من هذا القبيل.

أكثري من الصلة بربك؛ من خلال القيام بين يديه، ودعائه، وبث الشكوى والنجوى؛ فإن مناجاة الله والقرب منه تشعر العبد بسعادة بالغة، وتجعله يستشعر نعم الله عليه، والتي ربما لم ينتبه لها بسبب تركيزه على بعض القضايا التي يفكر فيها، كعدم الزواج، وفقد العمل، وغير ذلك؛ والتي هي جزء من الابتلاء في هذه الحياة الدنيا، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط، وفي هذا الصدد ننصحك بالقراءة في البلاء وأحوال أهل البلاء؛ لتدركي حال الدنيا وما جبلت عليه، وأن المؤمن موعود بخير وفير جراء صبره ورضاه عن ربه سبحانه وتعالى.

هذا هو الذي أنصحك به، وأشكرك كثيرا على ثقتك في استشارات إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات