لا أهنأ بأي خير أحصل عليه: فكيف أتجنب حسد من حولي؟

0 4

السؤال

السلام عليكم.

أنا أعاني من التعرض للحسد على أبسط الأشياء؛ إذا نجحت في العمل، أو إذا اهتم بي شخص ولاحظ الآخرون ذلك، فقد لاحظت على مدار حياتي أن كثيرا من الناس حولي يرون أنني في نعمة لا أستحقها، وأنني أحصل على ما يستحقونه هم، أو أنهم يحسدونني، وأعرف هذا مما يصلني من كلامهم، أو أراه في أفعالهم، مع أنهم في أوضاع أفضل مني كثيرا، بل وأكثر، لكني لا أشكو لأحد!

أنا أريد أن أتحصن؛ لأني لا أهنأ بأي خير يحدث لي، فيتعكر صفوي بما أسمعه منهم، أو يحدث معي شيء سيء، أو لا أوفق فيما بعده.

أريد منكم أن تساعدوني: ما هو الحل المناسب حتى لا أتعرض للأذى منهم؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بسنت حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يصرف عنا وعنك كل سوء ومكروه.

وابتداء نقول -ابنتنا العزيزة-: إن المؤمن ينبغي له أن يعتصم بالله تعالى، ويقوي في قلبه اليقين الجازم بأن الناس لا يستطيعون ضره ولا نفعه، وقد قال النبي ﷺ للغلام وهو يعلمه مبادئ هذه العقيدة الإسلامية: "واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، ولو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء، لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك"، أو كما قال ﷺ، فالضر والنفع بيد الله تعالى وحده.

وهذا لا يعني أن الحسد غير موجود، وأن العين لا تصيب، بل الحسد في عباد الله تعالى كثير، والعين حق كما قال الرسول الكريم ﷺ: "العين حق، ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين"، ولكن لا يستطيع أحد أن يضر أحدا إلا فيما قدره الله تعالى عليه، وهذه العقيدة فيها الراحة والطمأنينة، وهي من أعظم أسباب القوة النفسية.

فاعتمدي على الله -سبحانه وتعالى- وخذي بالأسباب لتحصيل التحصين من حسد الناس، والإصابة بعينهم، وأهم هذه الأسباب:

- الالتجاء إلى الله تعالى، والإكثار من ذكره بالذكر العام، وبالأذكار الخاصة للتحصين من العين والحسد، وقد جاءت في ذلك أحاديث كثيرة عن النبي ﷺ: فقد جاء في سنن الترمذي والنسائي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كان رسول الله ﷺ ‌يتعوذ ‌من ‌الجان ‌وعين ‌الإنسان حتى نزلت المعوذتان فلما نزلتا أخذ بهما وترك ما سواهما، فهذه هي أول الأذكار وأعظمها شأنا، أن تكثري دائما من قراءة المعوذتين: (قل أعوذ برب الفلق)، و(قل أعوذ برب الناس)، ولا سيما في الصباح والمساء، فتقرئينها ثلاثا في الصباح، وثلاثا في المساء، ومعهن (قل هو الله أحد).

وثبت في صحيح البخاري أيضا من حديث ابن عباس أن النبي ﷺ كان يعوذ ‌الحسن ‌والحسين بقوله: أعيذكما بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة"، ويقول ﷺ إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق، فهذا دعاء عظيم أيضا في الاستعاذة بالله تعالى من شر الحاسدين ومن شر العائن.

ومن الأسباب التي ينبغي أن تتبعيها: أن تحاولي إخفاء ما ينبغي إخفاؤه عن الناس، وقد كان هذا منهج بعض الصحابة؛ فقد رأى عثمان -رضي الله عنه- طفلا صغيرا حسن الصورة، فلما خشي عليه أن يصاب بالعين والحسد، قال: "دسموا نونته"، أي الحفرة الصغيرة التي تظهر عند ابتسامة الإنسان على ذقنه، "دسموا" يعني: اجعلوا فيها شيئا من السواد حتى يختفي ذلك الحسن والجمال الذي كان يظهر به هذا الطفل، وفي هذا إرشاد إلى إخفاء ما لا ينبغي إظهاره للناس، فالحسد في الناس كثير.

فهذه جملة الوصايا التي ينبغي أن تعتني بها: وأن تداومي على التحصن بهذه الأذكار ونحوها، وننصحك بقراءة كتاب "حصن المسلم" للشيخ/ محمد بن وهف القحطاني، وهو كتيب صغير موجود فيه كثير من الأذكار المتفرقة خلال اليوم والليلة، وهو موجود على الشبكة العنكبوتية، بحيث تستطيعين قراءة ما تحتاجينه من الأذكار، وكذلك له كتاب قيم فيه أدعية وأذكار في كتاب الرقية الشرعية، وبهذا تحفظين نفسك -بإذن الله تعالى- من شر الحساد.

ولكننا لا ننسى أن نؤكد عليك أن تعتني دائما بتقوية الإيمان في قلبك، واستحضار أن الله -سبحانه وتعالى- وحده هو الذي يقدر الأقدار، وأن الإنسان لا يستطيع إصابة الإنسان بشيء إلا في حدود ما قدره الله تعالى، فأحسني اعتمادك على الله، والتوكل عليه؛ فإن ذلك من أعظم الأسباب للوصول إلى المطلوب.

نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.

مواد ذات صلة

الاستشارات